معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

قوله تعالى :{ ولو شاء الله لجعلهم أمةً واحدةً } قال ابن عباس رضي الله عنهما : على دين واحد . وقال مقاتل : على ملة الإسلام كقوله تعالى : { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } ( الأنعام-35 ) ، { ولكن يدخل من يشاء في رحمته } في دين الإسلام ، { والظالمون } الكافرون ، { ما لهم من ولي } يدفع عنهم العذاب ، { ولا نصير } يمنعهم من النار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

{ و } مع هذا { لَوْ شَاءَ اللَّهُ } لجعل الناس ، أي : جعل الناس { أُمَّةً وَاحِدَةً } على الهدى ، لأنه القادر الذي لا يمتنع عليه شيء ، ولكنه أراد أن يدخل في رحمته من شاء من خواص خلقه .

وأما الظالمون الذين لا يصلحون لصالح ، فإنهم محرومون من الرحمة ، ف { مَا لَهُمْ } من دون الله { مِنْ وَلِيٍّ } يتولاهم ، فيحصل لهم المحبوب { وَلَا نَصِيرٍ } يدفع عنهم المكروه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

وقوله - تعالى - { وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولكن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } بيان لكمال قدرته - عز وجل - .

أى : ولو شاء الله - تعالى - أن يجعل الناس أمة واحدة على الدين الحق لجعلهم كذلك ، لأن قدرته لا يعجزها شئ ، ولكنه - سبحانه - لم يشأ ذلك ليتميز الخبيث من الطيب ، والمهتدى من الضال .

أما المهتدون فهم أهل رحمته ورضوانه ، وأما الضالون فهم أهل عذابه وغضبه فقوله - تعالى - { ولكن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } بيان لمن عرفوا الدين الحق واتبعوه وقوله - سبحانه - : { والظالمون مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } بيان لمن استحبوا العمى على الهدى .

قال الآلوسى ما ملخصه : { ولكن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } أى : أنه - تعالى - يدخل فى رحمته من يشاء أن يدخله فيها ، ويدخل فى عذابه من يشاء أن يدخله فيه ، ولا ريب فى أن مشيئته - تعالى - لكل من الإِدخالين ، تابعة لاستحقاق كل فريق لعمله .

وقال : { والظالمون مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } ولم يقل ويدخل من يشاء فى عذابه ، للإِيذان بأن الإِدخال فى العذاب ، بسبب سوء اختيار الداخلين فيه .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ولكن حَقَّ القول مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ } وقوله - سبحانه - : { وَلَوْ شَآءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهدى }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

( ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة . ولكن يدخل من يشاء في رحمته ، والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ) . .

فلو شاء الله لخلق البشر خلقة أخرى توحد سلوكهم ، فتوحد مصيرهم ، إما إلى جنة وإما إلى نار . ولكنه - سبحانه - خلق هذا الإنسان لوظيفة . خلقه للخلافة في هذه الأرض . وجعل من مقتضيات هذه الخلافة ، على النحو الذي أرادها ، أن تكون للإنسان استعدادات خاصة بجنسه ، تفرقه عن الملائكة وعن الشياطين ، وعن غيرهما من خلق الله ذوي الطبيعة المفردة الموحدة الاتجاه . استعدادات يجنح بها ومعها فريق إلى الهدى والنور والعمل الصالح ؛ ويجنح بها ومعها فريق إلى الضلال والظلام والعمل السِّيى ء كل منهما يسلك وفق أحد الاحتمالات الممكنة في طبيعة تكوين هذا المخلوق البشري ؛ وينتهي إلى النهاية المقررة لهذا السلوك : ( فريق في الجنة وفريق في السعير ) . . وهكذا : ( يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ) . . وفق ما يعلمه الله من حال هذا الفريق وذاك ، واستحقاقه للرحمة بالهداية أو استحقاقه للعذاب بالضلال .

ولقد سبق أن بعضهم يتخذ من دون الله أولياء . فهو يقرر هنا أن الظالمين : ( ما لهم من ولي ولا نصير ) . . فأولياؤهم الذين يتخذونهم لا حقيقة لهم إذن ولا وجود .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

{ ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة } مهتدين أو ضالين . { ولكن يدخل من يشاء في رحمته } بالهداية والحمل على الطاعة . { والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير } أي يدعهم بغير ولي ولا نصير في عذابه ، ولعل تغيير المقابلة للمبالغة في الوعيد إذ الكلام في الإنذار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

ثم قوى تعالى تسلية نبيه عليه السلام بأن عرفه أن الأمر موقوف على مشيئة الله من إيمانهم أو كفرهم ، وأنه لو أراد كونهم أمة واحدة لجمعهم عليه ، ولكنه يدخل من سبقت له السعادة عنده في رحمته ، وييسره في الدنيا لعمل أهل السعادة ، وأن الظالمين بالكفر الميسرين لعمل الشقوة ما لهم من وليٍّ ولا نصير .