محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

{ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي أهل دين واحد وملة واحدة { وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ } أي ولكن لم يفعل ذلك فيجعلهم أمة واحدة ، لمنافاة ذلك ما يقتضيه حكمة خلق الإنسان من تنوع أفراده المستلزم اختلاف أميالهم ومشاربهم . ولذا شاء ما اقتضاه خلقهم واستعدادهم . فكلفهم وبنى أمرهم على ما يختارون . فأدخل من شاء في رحمته وهم المؤمنون ، وفي عذابه ، الكافرين . قال أبو السعود : ولا ريب في أن مشيئته تعالى لكل من الإدخالين ، تابعة لاستحقاق كل من الفريقين لدخول مدخله { وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ } أي والكافرون بالله ما لهم من وليّ يتولاهم يوم القيامة ، ولا نصير ينصرهم من عقاب الله فينقذهم من عذابه ، لأنه يدخلهم في قهره . وتوصيفهم بالظالمين ، إشارة إلى عدل المؤمنين في باب الاعتقادات والأخلاق والأعمال والأفعال ، وأنه تعالى يواليهم وينصرهم .