فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

{ وَلَوْ شَاء الله لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحدة } قال الضحاك : أهل دين واحد ، إما على هدى ، وإما على ضلالة ، ولكنهم افترقوا على أديان مختلفة بالمشيئة الأزلية ، وهو معنى قوله : { ولكن يُدْخِلُ مَن يَشَاء في رَحْمَتِهِ } في الدين الحق وهو الإسلام { والظالمون مَا لَهُمْ مّن وَلِىّ وَلاَ نَصِيرٍ } أي المشركون ما لهم من وليّ يدفع عنهم العذاب ، ولا نصير ينصرهم في ذلك المقام ، ومثل هذا قوله : { وَلَوْ شَاء الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهدى } [ الأنعام : 35 ] ، وقوله : { وَلَوْ شِئْنَا لأَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } [ السجدة : 13 ] ، وهاهنا مخاصمات بين المتمذهبين المحامين على ما درج عليه أسلافهم ، فدبوا عليه من بعدهم ، وليس بنا إلى ذكر شيء من ذلك فائدة كما هو عادتنا في تفسيرنا هذا ، فهو تفسير سلفي يمشي مع الحق ، ويدور مع مدلولات النظم الشريف ، وإنما يعرف ذلك من رسخ قدمه ، وتبرأ من التعصب قلبه ولحمه ودمه .

/خ12