الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

{ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحدة } أي مؤمنين كلهم على القسر والإكراه ، كقوله تعالى : { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } [ السجدة : 13 ] وقوله تعالى : { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا } [ يونس : 99 ] والدليل على أنّ المعنى هو الإلجاء إلى الإيمان . قوله : { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [ يونس : 99 ] وقوله تعالى : { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ } [ يونس : 99 ] بإدخال همزة الإنكار على المكره دون فعله . دليل على أنّ الله وحده هو القادر على هذا الإكراه دون غيره . والمعنى : ولو شاء ربك مشيئة قدرة لقسرهم جميعاً على الإيمان ، ولكنه شاء مشيئة حكمة ، فكلفهم وبنى أمرهم على ما يختارون ، ليدخل المؤمنين في رحمته وهم المرادون بمن يشاء . ألا ترى إلى وضعهم في مقابلة الظالمين ويترك الظالمين بغير ولي ولا نصير في عذابه .