فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } قال الضحاك أهل دين واحد إما على هدى وإما على ضلالة ، ولكنهم افترقوا على أديان مختلفة بالمشيئة الأزلية ، وهو معنى قوله { وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ } أي في الدين الحق وهوى الإسلام { وَالظَّالِمُونَ } أي المشركون { مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ } يدفع عنهم العذاب { وَلَا نَصِيرٍ } ينصرهم في ذلك المقام .

ومثل هذا قوله { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى } وقوله { وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } وهذا مقابل لقوله { يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ } ، فكان مقتضى الظاهر أن يقال ويدخل من يشاء في غضبه لكن عدل عنه إلى ما ذكر للمبالغة في الوعيد ، فإن نفي من يتولاهم وينصرهم أدل على أن كونهم في العذاب أمر معلوم مفروغ منه ، أفاده الكرخي .

وقال الشوكاني رحمه الله : وههنا بين المتمذهبين المحامين على ما درج عليه أسلافهم ، فذبوا عليه من بعدهم . وليس بنا إلى ذكر شيء من ذلك فائدة ، كما هو عادتنا في تفسيرنا هذا فهو تفسير سلفي يمشي مع الحق ويدور مع مدلولات النظم الشريف ، وإنما يعرف ذلك من رسخ قدمه ، وتبرأ من التعصب قلبه ولحمه ودمه .