فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

{ ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة } .

لو أراد المولى أن يجعل الفريقين- فريق الجنة وفريق في السعير- لو شاء سبحانه لجعلهم في الدنيا أهل دين واحد ، أو أهل هداية .

{ ولكن يدخل من يشاء في رحمته } .

يدخل الله في الإسلام من شمله بالرحمة التي تحوطه في أولاه وأخراه ، فإن رحمته في الدنيا تشمل المؤمن والكافر ، أما في الآخرة فمع سعتها لا ينالها إلا من آمن وعمل صالحا ، كما شهد بذلك القرآن العزيز { . . ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة { والذين هم بآياتنا يؤمنون } الذين يتبعون الرسول النبي الأميّ . . }{[4235]} .

{ والظالمون مالهم من ولي ولا نصير( 8 ) } .

لكن من أشرك فقد افترى إثما عظيما { إن الشرك لظلم عظيم }{[4236]} { . . ومن يتعد حدود الله فقد ظلم . . }{[4237]} فهؤلاء بظلمهم يخذلهم الله فلا يدخلهم في ثوابه ، ولن تجد لهم وليا ولن تجد لهم نصيرا ؛ يقول بعض المفسرين : . . ولا ريب في أن مشيئته تعالى لكل من الإدخالين تابعة لاستحقاق كل من الفريقين . . وإنما قيل : { والظالمون مالهم من ولي ولا نصير } وكان الظاهر أن يقال : ويدخل من يشاء في عذابه ونقمته للإيذان بأن الإدخال في العذاب . . بموجب سوء اختيارهم لا من جهته عز وجل . . ولو شاء تعالى مشيئة قدرة لقسرهم- أجبرهم- على الإيمان ؛ ولكنه سبحانه شاء مشيئة حكمة ، وكلفهم ، وبنى أمرهم على ما يختارون . . وترك الظالمين بغير ولي ولا نصير . . اه .


[4235]:سورة الأعراف من الآية 156، 157.
[4236]:سورة لقمان من الآية 13.
[4237]:سورة الطلاق من الآية 1.