معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٞ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُۥۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا} (93)

قوله تعالى : { أو يكون لك بيت من زخرف } أي : من ذهب ، وأصله الزينة { أو ترقى } ، تصعد { في السماء } ، هذا قول عبد الله بن أبي أمية ، { ولن نؤمن لرقيك } لصعودك { حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه } ، أمرنا فيه باتباعك { قل سبحان ربي } ، وقرأ ابن كثير وابن عامر قال : يعني محمداً ، وقرأ آخرون على الأمر ، أي : قل يا محمد { هل كنت إلا بشراً رسولاً } ، أمره بتنزيهه وتمجيده ، على معنى أنه لو أراد أن ينزل ما طلبوا لفعل ، ولكن الله لا ينزل الآيات على ما يقترحه البشر . واعلم أن الله تعالى قد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات والمعجزات ما يغني عن هذا كله مثل : القرآن ، وانشقاق القمر ، وتفجير العيون من بين الأصابع وما أشبهها ، والقوم عامتهم كانوا متعنتين لم يكن قصدهم طلب الدليل ليؤمنوا ، فرد الله عليهم سؤالهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٞ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُۥۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا} (93)

{ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ } أي : مزخرف بالذهب وغيره { أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ } رقيًا حسيًا ، { و } ومع هذا ف { وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ }

ولما كانت هذه تعنتات وتعجيزات ؛ وكلام أسفه الناس وأظلمهم ، المتضمنة لرد الحق وسوء الأدب مع الله ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يأتي بالآيات ، أمره الله أن ينزهه فقال : { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي } عما تقولون علوًا كبيرًا ، وسبحانه أن تكون أحكامه وآياته تابعة لأهوائهم الفاسدة ، وآرائهم الضالة . { هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا } ليس بيده شيء من الأمر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٞ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُۥۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا} (93)

ثم حكى - سبحانه - بقية مطالبهم التى لا يقرها عقل سليم فقال : { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ } .

أى : من ذهب ، والزخرف ، يطلق فى الأصل على الزينة ، وأطلق هنا على الذهب لأن الذهب أثمن ما يتزين به فى العادة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٞ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُۥۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا} (93)

73

أو أن يكون له بيت من المعادن الثمينة . أو أن يرقى في السماء . ولا يكفي أن يعرج إليها وهم ينظرونه ، بل لا بد أن يعود إليهم ومعه كتاب محبر يقرأونه !

وتبدو طفولة الإدراك والتصور ، كما يبدو التعنت في هذه المقترحات الساذجة . وهم يسوون بين البيت المزخرف والعروج إلى السماء ! أو بين تفجير الينبوع من الأرض ومجيء الله - سبحانه - والملائكة قبيلا ! والذي يجمع في تصورهم بين هذه المقترحات كلها هو أنها خوارق . فإذا جاءهم بها نظروا في الإيمان له والتصديق به !

وغفلوا عن الخارقة الباقية في القرآن ، وهم يعجزون عن الإتيان بمثله في نظمه ومعناه ومنهجه ، ولكنهم لا يلمسون هذا الإعجاز بحواسهم فيطلبون ما تدركه الحواس !

والخارقة ليست من صنع الرسول ، ولا هي من شأنه ، إنما هي من أمر الله سبحانه وفق تقديره وحكمته . وليس من شأن الرسول أن يطلبها إذا لم يعطه الله إياها . فأدب الرسالة وإدراك حكمة الله في تدبيره يمنعان

الرسول أن يقترح على ربه ما لم يصرح له به . . )قل : سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا )يقف عند حدود بشريته ، ويعمل وفق تكاليف رسالته ، لا يقترح على الله ولا يتزيد فيما كلفه إياه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٞ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُۥۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا} (93)

90

{ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ } قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : هو الذهب . وكذلك هو في قراءة ابن مسعود : " أو يكون لك بيت من ذهب " ، { أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ } أي : تصعد{[17844]} في سلم ونحن ننظر إليك { وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنزلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ } قال مجاهد : أي مكتوب فيه إلى كل واحد واحد صحيفة : هذا كتاب من الله لفلان بن فلان ، تصبح موضوعة عند رأسه{[17845]} .

وقوله : { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا } أي : سبحانه وتعالى وتقدس أن يتقدم أحد بين يديه في أمر من أمور سلطانه وملكوته ، بل هو الفعال لما يشاء ، إن شاء أجابكم إلى ما سألتم ، وإن شاء لم يجبكم ، وما أنا إلا رسول إليكم أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم ، وقد فعلت ذلك ، وأمركم فيما سألتم إلى الله عز وجل .

قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا علي بن إسحاق ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زَحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم{[17846]} عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرض ربي عز وجل ليجعل لي بطحاء مكة ذهبًا ، فقلت : لا يا رب ، ولكن أشبع يومًا ، وأجوع يومًا - أو نحو ذلك - فإذا جُعت تضرعت إليك وذكرتك ، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك " .

ورواه الترمذي في " الزهد " عن سُوَيْد بن نصر{[17847]} عن ابن المبارك ، به{[17848]} وقال : هذا حديث حسن . وعلي بن يزيد يُضَّعَّفُ في الحديث .


[17844]:في ت: "يصعد".
[17845]:في ف: "يصبح عند رأسه موضوع".
[17846]:في ت: "ألتم".
[17847]:في أ: "زهير".
[17848]:المسند (5/245) وسنن الترمذي برقم (2347) وعبد الله بن زحر وعلى بن يزيد والقاسم ضعفاء.