معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

قوله تعالى : { وهزي إليك } ، يعني قيل لمريم : حركي { بجذع النخلة } ، تقول العرب : هزه وهز به ، كما يقول : حز رأسه وحز برأسه ، وأمدد الحبل وأمدد به ، { تساقط عليك } ، القراءة المعروفة بفتح التاء والقاف وتشديد السين ، أي : تتساقط ، فأدغمت إحدى التاءين في السين أي : تسقط عليك النخلة رطباً ، وخفف حمزة السين وحذف التاء التي أدغمها غيره . وقرأ حفص بضم التاء وكسر القاف خفيف على وزن تفاعل . وتساقط بمعنى أسقط ، والتأنيث لأجل النخلة . وقرأ يعقوب : يساقط بالياء مشددة ردة إلى الجذع . { رطباً جنياً } ، مجنياً . وقيل : الجني هو الذي بلغ الغاية ، وجاء أوان اجتبائه . قال الربيع بن خثيم : ما للنفساء عندي خير من الرطب ، ولا للمريض خير من العسل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ْ } أي : طريا لذيذا نافعا { فَكُلِي ْ } من التمر ، { وَاشْرَبِي ْ } من النهر { وَقَرِّي عَيْنًا ْ } بعيسى ، فهذا طمأنينتها من جهة السلامة من ألم الولادة ، وحصول المأكل والمشرب والهني .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

وقوله - سبحانه - : { وهزى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النخلة } . معطوف على ما قاله عيسى لأمه مريم . والباء فى قوله { بِجِذْعِ } مزيدة للتوكيد ، لأن فعل الهز يتعدى بنفسه .

أى : وحركى نحوك أو جهة اليمين أو الشمال جذع النخلة { تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً } وهو ما نضج واستوى من الثمر { جَنِيّاً } أى : صالحاً للأخذ والاجتناء

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

16

وهذه النخلة التي تستندين إليها هزيها فتساقط عليك رطبا . فهذا طعام وذاك شراب . والطعام الحلو مناسب للنفساء . والرطب والتمر من أجود طعام النفساء .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

وقوله : وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ ذكر أن الجذع كان جذعا يابسا ، وأمرها أن تهزّه ، وذلك في أيام الشتاء ، وهزّها إياه كان تحريكه ، كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ قال : حركيها . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ قال : كان جذعا يابسا ، فقال لها : هزّيه تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَبا جَنِيّا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبد المؤمن ، قال : سمعت أبا نهيك يقول : كانت نخلة يابسة .

حدثني محمد بن سهل بن عسكر ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : ثني عبد الصمد بن معقل قال : سمعت وهب بن منبه يقول في قوله : وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ فكان الرطب يتساقط عليها وذلك في الشتاء .

حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ : وكان جذعا منها مقطوعا فهزّته ، فإذا هو نخلة ، وأُجري لها في المحراب نهر ، فتساقطت النخلة رطبا جنيا فَقال لها : كُلِي وَاشْرَبِي وَقَرّي عَيْنا .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وهزّي إليك بالنخلة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، قال : قال مجاهد وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ قال : النخلة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن عيسى بن ميمون ، عن مجاهد ، في قوله وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ قال : العجوة .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عمرو بن ميمون ، أنه تلا هذه الاَية : وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَبا جَنِيّا قال : فقال عمرو : ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب .

وأدخلت الباء في قوله : وَهُزّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ كما يقال : زوجتك فلانة ، وزوّجتك بفلانة وكما قال تَنْبُتُ بِالدّهْنِ بمعنى : تنبت الدهن . وإنما تفعل العرب بذلك ، لأن الأفعال تكنى عنها بالباء ، فيقال إذا كنيت عن ضربت عمرا : فعلت به ، وكذلك كلّ فعل ، فلذلك تدخل الباء في الأفعال وتخرِج ، فيكون دخولها وخروجها بمعنى ، فمعنى الكلام : وهزّي إليك جذع النخلة وقد كان لو أن المفسرين كانوا فسروه كذلك : وهزّي إليك رطبا بجذع النخلة ، بمعنى : على جذع النخلة ، وجها صحيحا ، ولكن لست أحفظ عن أحد أنه فسره كذلك . ومن الشاهد على دخول الباء في موضع دخولها وخروجها منه سواء قول الشاعر :

بِوَادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ السّدْرَ صَدْرُهُ *** وأسْفَلُهُ بالمَرْخِ والشّبَهانِ

واختلف القرّاء في قراءة قوله : تُسَاقِطْ فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة والكوفة : «تَسّاقَطُ » بالتاء من تساقط وتشديد السين ، بمعنى : تتساقط عليك النخلة رطبا جنيا ، ثم تُدغم إحدى التاءين في الأخرى فتشدد ، وكأن الذين قرأوا ذلك كذلك وجهوا معنى الكلام إلي : وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط النخلة عليك رطبا . وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة : «تَساقَطُ » بالتاء وتخفيف السين ، ووجه معنى الكلام ، إلى مثل ما وجه إليه مشدّدوها ، غير أنهم خالفوهم في القراءة . ورُوي عن البراء بن عازب أنه قرأ ذلك : «يُساقِط » بالياء .

حدثني بذلك أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا يزيد ، عن جرير بن حازم ، عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب يقرؤه كذلك ، وكأنه وجه معنى الكلام إلي : وهزّي إليك بجذع النخلة يتساقط الجذع عليك رطبا جنيا .

ورُوي عن أبي نهيك أنه كان يقرؤه : «تُسْقِطُ » بضمّ التاء وإساقط الألف .

حدثنا بذلك ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبد المؤمن ، قال : سمعت أبا نَهِيك يقرؤه كذلك ، وكأنه وجه معنى الكلام إلي : تسقط النخلة عليك رطبا جنيا .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن هذه القراءات الثلاث ، أعني تَسّاقَطُ بالتاء وتشديد السين ، وبالتاء وتخفيف السين ، وبالياء وتشديد السين ، قراءات متقاربات المعاني ، قد قرأ بكل واحدة منهنّ قرّاء أهل معرفة بالقرآن ، فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب الصواب فيه ، وذلك أن الجذع إذا تساقط رطبا ، وهو ثابت غير مقطوع ، فقد تساقطت النخلة رطبا ، وإذا تساقطت النخلة رطبا ، فقد تساقطت النخلة بأجمعها ، جذعها وغير جذعها ، وذلك أن النخلة ما دامت قائمة على أصلها ، فإنما هي جذع وجريد وسعف ، فإذا قطعت صارت جذعا ، فالجذع الذي أمرت مريم بهزّه لم يذكر أحد نعلمه أنه كان جذعا مقطوعا غير السديّ ، وقد زعم أنه عاد بهزّها إياه نخلة ، فقد صار معناه ومعنى من قال : كان المتساقط عليها رطبا نخلة واحدا ، فتبين بذلك صحة ما قلنا .

وقوله : جَنِيّا يعني مجنيا وإنما كان أصله مفعولاً فصرف إلى فعيل والمجني : المأخوذ طريا ، وكل ما أخذ من ثمرة ، أو نقل من موضعه بطراوته فقد اجتني ، ولذلك قيل : فلان يجتني الكمأة ومنه قول ابن أخت جذيمة :

هَذَا جَنايَ وخِيارُهُ فِيهْ *** إذْ كُلّ جانٍ يَدُهُ إلى فِيهْ

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

ثم أمر بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع ، وقالت فرقة بل كانت النخلة مطعمة { رطباً } ، وقال السدي كان الجذع مقطوعاً وأجرى النهر تحتها لحينه ، والظاهر من الآية أن عيسى هو المكلم لها وأن الجذع كان يابساً وعلى هذا تكون آيات تسليها وتسكن إليها . والباء في قوله { بجذع } زائدة مؤكدة قال أبو علي : كما يقال ألقى بيده أي ألقى يده .

قال القاضي أبو محمد : وفي هذا المثال عندي نظر ، وأنشد الطبري : [ الطويل ]

بواد يمان ينبت السدر صدره . . . وأسفله بالمزج والشبهان{[7938]}

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمر وابن عامر والكسائي وابو بكر عن عاصم والجمهور من الناس «تَسّاقط » بفتح التاء وشد السين يريد { النخلة } ، وقرأ البراء بن عازب والأعمش «يساقط » بالياء يريد «الجذع » ، وقرأ حمزة وحده «تَسَاقط » بفتح التاء وتخفيف السين ، وهي قراءة مسروق وابن وثاب وطلحة وأبي عمرو بخلاف ، وقرأت فرقة «يساقط » بالياء على ما تقدم من إدارة { النخلة } أو «الجذع » . وقرأ عاصم في رواية حفص «تُسَاقط » بضم التاء وتخفيف السين ، وقرأت فرقة «يساقط » بالياء ، وقرأ أبو حيوة «يسقط » بالياء ، وروي عنه «يُسقط » بضم الياء وقرأ أيضاً «تسقط » وحكى أبو علي في الحجة أنه قرئ «يتساقط » بباء وتاء ، وروي عن مسروق «تُسقِط » بضم التاء وكسر القاف ، وكذلك عن أبي حيوة ، وقرأ أبو حيوة أيضاً «يسقُط » بفتح الياء وضم القاف ، «رطب جني » بالرفع ، ونصب { رطباً } يختلف بحسب معاني القراءات المذكورة ، فمرة يسند الفعل الى الجذع ومرة الى الهز ، ومرة الى { النخلة } و { جنياً } معناه قد طابت وصلحت للاجتناء ، وهو من جنيت الثمرة . وقرأ طلحة بن سليمان{[7939]} «جِنياً » بكسر الجيم ، وقال عمرو بن ميمون : ليس شيء للنفساء خيراً من التمر والرطب ، وقال محمد بن كعب : كان رطب عجوة ، وقد استدل بعض الناس من هذه الآية على أن الرزق وإن كان محتوماً فإن الله تعالى قد وكل ابن آدم الى سعي ما فيه لأنه أمرت مريم بهز الجذع لترى آية ، وكانت الآية تكون بأن لا تهز هي . وحكى الطبري عن ابن زيد أنه قال «قال لها عيسى : لا تحزني ، فقالت وكيف لا أحزن وأنت معي لا ذات زوج ولا مملوكة أي شيء عذري عند الناس { يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً } [ مريم : 23 ] ، فقال لها عيسى : أنا أكفيك الكلام »{[7940]} .


[7938]:البيت في التاج واللسان (شبه)، وقد نقلا عن ابن دريد أنه لرجل من عبد القيس، ونقلا عن ابن بري أن أبا عبيدة قال: "البيت للأحول اليشكري، واسمه يعلى ". أما السدر فهو شجر النبق، والمفرد: سدرة، والمرخ: شجر سريع الوري كثيرة، والشهبان ـ ويقال أيضا الشبهان بضم الشين والباء ـ: نبت يشبه الثمام، أو هو الثمام ـ والثمام: عشب من الفصيلة النجيلية يرتفع إلى مائة وخمسين سنتمترا، فروعه مزدحمة متجمعة، والنورة سنبلة مدلاة، ومنه الثمام السنبلي وهو الدخن كما يسمى في السودان ـ يقول الشاعر: إن هذا الوادي ينبت الأصناف الثلاثة: السدر، والمرخ، والشبهان، لكن السدر ينبت في أعلاه، أما المرخ والشبهان فينبتان في أسفله المرخ. وقال في اللسان: "وإن شئت قدرته: وينبت أسفله بالمرخ، فتكون الباء للتعدية لما قدرت الفعل ثلاثيا". هذا وقد قال ابن بري وحكاه في اللسان: "إن الشبه كالسمر كثير الشوك".
[7939]:في الأصل: "وقرأ طلحة ابن سليم"، والتصويب عن كتب التفسير والقراءات.
[7940]:ما بين العلامتين [......] هو تتمة الخبر، وقد أخذناه عن المصدر الأصلي الذي ذكره المؤلف وهوالطبري.