تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

الآية 25 : وقوله تعالى : { وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا } فيه دلالة لزوم الكسب لأنه أمر مريم أن تهز النخلة لتتساقط عليها ( الرطب . ولو شاء لسقط من غير فعل يكون منها لِتَجْتَنِيَ هي . وذلك عليها ) {[11952]} أهون وأيسر على ما كان رزقها عند ما كانت مَؤُنَتُهَا على زكريا .

وفيه دلالة ألا يسع للمرء المسألة ما دام به أدنى قوة يقدر على قوته . وفيه دليل أن زكريا كان أفضل منها ، وأكبر منزلة عند الله حين{[11953]} رزقها عندما كانت في عيال زكريا من غير تكلف كان من زكريا ولا مَؤُنَةٍ .

فلما فارقت زكريا أمرها بالكسب .

وفيه دلالة أن الآيات التي تكون للأنبياء يجوز أن يجريها على غير أيدي الأنبياء حين{[11954]} جعل لمريم نخلة يابسة رطبة ، تثمر رطبا ، وحين{[11955]} جعل من تحتها سريا أي نهرا جاريا ، وحين{[11956]} رزقها عندما كانت في عيال زكريا من غير تكلف أحد .

فذلك يشبه آيات الأنبياء والرسل ويقارنها . وهذه المحن التي امتحن بها مريم ، في الظاهر عظيمة عند الناس ، وفي الباطن من أعظم كراماته إليها ، لأنه أخبر أنه تعالى اصطفاها على نساء العالمين بقوله : { إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين } ( آل عمرن : 42 ) وسماها صديقة بقوله : { وأمه صديقة } ( المائدة : 75 ) وذلك لا يسمى إلا من بلغ من البشر في الصدق ( والصبر غايتهما ){[11957]} والله أعلم .

وقال بعضهم في قوله : { فناداها من تحتها } أي من تحت النخلة .


[11952]:من م، ساقطة من الأصل.
[11953]:في الأصل و م: حيث.
[11954]:في الأصل و م: حيث.
[11955]:في الأصل و م: حيث.
[11956]:في الأصل و م: حيث.
[11957]:في الأصل و م: والصبر له غاية.