معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمۡ فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَنتَهُونَ} (12)

قوله تعالى : { وإن نكثوا أيمانهم } ، نقضوا عهودهم .

قوله تعالى : { من بعد عهدهم } ، عقدهم ، يعني مشركي قريش .

قوله تعالى : { وطعنوا } . قدحوا .

قوله تعالى : { في دينكم } عابوه ، فهذا دليل على أن الذمي إذا طعن في دين الإسلام ظاهرا لا يبقى له عهد .

قوله تعالى : { فقاتلوا أئمة الكفر } . قرأ أهل الكوفة والشام : أئمة بهمزتين حيث كان ، وقرأ الباقون بتليين الهمزة الثانية ، وأئمة الكفر : رؤوس المشركين وقادتهم من أهل مكة . قال ابن عباس : نزلت في أبي سفيان بن حرب ، و أبي جهل بن هشام ، و سهيل بن عمرو ، و عكرمة بن أبي جهل ، وسائر رؤساء قريش يومئذ الذين نقضوا العهد ، وهم الذين هموا بإخراج الرسول . وقال مجاهد : هم أهل فارس والروم ، وقال حذيفة بن اليمان : ما قوتل أهل هذه الآية ولم يأت أهلها بعد .

قوله تعالى : { إنهم لا أيمان لهم } ، أي لا عهود لهم ، جمع يمين .

قال قطرب : لا وفاء لهم بالعهد ، وقرأ ابن عامر : { لا أيمان لهم } بكسر الألف ، أي لا تصديق لهم ولا دين لهم . وقيل : هو من الأمان ، أي لا تؤمنوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم .

قوله تعالى : { لعلهم ينتهون } . أي لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم . وقيل : عن الكفر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمۡ فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَنتَهُونَ} (12)

{ 12 - 15 ْ } { وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ * أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ْ }

يقول تعالى بعدما ذكر أن المعاهدين من المشركين إن استقاموا على عهدهم فاستقيموا لهم على الوفاء : { وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ْ } أي : نقضوها وحلوها ، فقاتلوكم أو أعانوا على قتالكم ، أو نقصوكم ، { وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ ْ } أي : عابوه ، وسخروا منه .

ويدخل في هذا جميع أنواع الطعن الموجهة إلى الدين ، أو إلى القرآن ، { فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ْ } أي : القادة فيه ، الرؤساء الطاعنين في دين الرحمن ، الناصرين لدين الشيطان ، وخصهم بالذكر لعظم جنايتهم ، ولأن غيرهم تبع لهم ، وليدل على أن من طعن في الدين وتصدى للرد عليه ، فإنه من أئمة الكفر .

{ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ ْ } أي : لا عهود ولا مواثيق يلازمون على الوفاء بها ، بل لا يزالون خائنين ، ناكثين للعهد ، لا يوثق منهم .

{ لَعَلَّهُمْ ْ } في قتالكم إياهم { يَنْتَهُونَ ْ } عن الطعن في دينكم ، وربما دخلوا فيه ، ثم حث على قتالهم ، وهيج المؤمنين بذكر الأوصاف ، التي صدرت من هؤلاء الأعداء ، والتي هم موصوفون بها ، المقتضية لقتالهم فقال :

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمۡ فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَنتَهُونَ} (12)

أما إن كانت الآخرى ، أى إذا لم يتوبوا وصاروا على عداوتهم ، فقد بين سبحانه . ما يجب على المؤمنين نحوهم في هذه الحالة فقال : { وَإِن نكثوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ } .

أى : وإن نقضوا عهودهم من بعد أن تعاقدوا معكم على الوفاء بها .

وقوله : { نكثوا } من النكث بمعنى النقض والحل . يقال نكث فلان الحبل إذا نقض فتله وحل خيوطه ومنه قوله - تعالى - : { وَلاَ تَكُونُواْ كالتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً } وقوله : { وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ } معطوف على ما قبله . أى : وعابوه وانتقضوه .

وقوله : { فقاتلوا أَئِمَّةَ الكفر } أى : فقاتلوهم فهم أئمة الكفر ، وحملة لوائه . فوضع - سبحانه - الاسم الظاهر المبين لشر صفاتهم موضع الضمير على سبيل الذم لهم .

وقيل : المراد بأئمة الكفر رؤسائهم وصناديدهم الذين كانوا يحرضونهم على عداوة المؤمنين ، ويقودونهم لقتال النبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه .

وعطف . سبحانه - قوله { وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ } على ما قبله مع أن نقض العهد كاف في إباحة قتالهم ، لزيادة تحريض المؤمنين على مجاهدتهم والاغلاظ عليهم .

وقوله : { إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ } تعليل للأمر بقتالهم أى قاتلوا هؤلاء المشركين بعزيمة صادقة ، وقلوب ثابتة ، لأنهم قوم لا أيمان عهود لهم الحقيقة ، لأنهم لما لم يفوا بها صارت أيمانهم كأنها ليست بأيمان .

وقرأ ابن عامر { إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ } - بكسر الهمزة . على أنها مصدر آمنه إيمانا بمعنى إعطاء الأمان . أى أنهم لا أمان لهم فاحذروا الاغترار بهم . أو المراد الإِيمان الشرعى . أى إنهم لا تصديق ولا دين لهم ، ومن كان كذلك فلا وفاء له .

وقوله : { لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ } متعلق بقوله { فقاتلوا أَئِمَّةَ الكفر } .

أى : ليكن مقصدكم من مقاتلتهم - بعد أن وجد منهم ما وجد إيذائكم الرجاء في هدايتهم ، والانتهاء عن كفرهم وخيانتهم . . واحذروا أن يكون مقصدكم من ذلك العدوان واتباع الهوى .

هذا ، ومن الأحكام والآداب التي أخذها العلماء من هذه الآيات سوى ما سبق - ما يأتى :

1- أن ما ذكرته الآيات من كون المشركين ، لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، يقرر حقيقة واقعة ، ومن الأدلة على ذلك ما فعله التتار بالمسلمين - وخاصة مسلمى بغداد . سنة 656 . وما فعله الوثنيون الهنود مع مسلمى باكستان ، وما فعله الشيوعيون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمۡ فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَنتَهُونَ} (12)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن نّكَثُوَاْ أَيْمَانَهُم مّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوَاْ أَئِمّةَ الْكُفْرِ إِنّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلّهُمْ يَنتَهُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فإن نقض هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم من قريش عهودهم من بعد ما عاقدوكم ، أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحدا من أعدائكم وَطَعَنُوا فِي دينِكُمْ يقول : وقدحوا في دينكم الإسلام ، فثلموه وعابوه . فَقاتِلُوا أئمّةَ الكُفْرِ يقول : فقاتلوا رؤساء الكفر بالله . إنّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ يقول : إن رؤساء الكفر لا عهد لهم . لَعَلّهُمْ يَنْتَهُونَ لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم .

وبنحو ما قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل على اختلاف بينهم في المعنيين بأئمة الكفر ، فقال بعضهم : هم أبو جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ونظراؤهم . وكان حذيفة يقول : لم يأت أهلها بعد . ذكر من قال هم من سمّيت :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ مَنْ بَعْد عَهْدِهِمْ . . . إلى : لَعَلّهُمْ يَنْتَهُونَ يعني : أهل العهد من المشركين ، سماهم أئمة الكفر ، وهم كذلك . يقول الله لنبيه : وإن نكثوا العهد الذي بينك وبينهم فقاتل أئمة الكفر ، لأنهم لا أيمان لهم ، لعلهم ينتهون .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ مَنْ بَعْد عَهْدِهِمْ . . . إلى : يَنْتَهُونَ ، فكان من أئمة الكفر : أبو جهل بن هشام ، وأمية بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو سفيان ، وسهيل بن عمرو ، وهم الذين هموا بإخراجه .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : أئمة الكفر : أبو سفيان ، وأبو جهل ، وأمية بن خلف ، وسهيل بن عمرو ، وعتبة بن ربيعة .

حدثنا ابن وكيع وابن بشار ، قال ابن وكيع : حدثنا غندر ، وقال ابن بشار : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد : فَقاتِلُوا أئمّةَ الكُفْرِ أنّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ قال أبو سفيان منهم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ . . . إلى : يَنْتَهُونَ هؤلاء قريش ، يقول : إن نكثوا عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام وطعنوا فيه ، فقاتلوهم .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : فَقاتِلُوا أئمّةَ الكُفْرِ يعني : رأس المشركين أهل مكة .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : فَقاتِلُوا أئمّةَ الكُفْرِ أبو سفيان بن حرب ، وأمية بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وهم الذين نكثوا عهد الله وهمّوا بإخراج الرسول ، وليس والله كما تأوّله أهل الشبهات والبدع والفِرَي على الله وعلى كتابه .

ذكر الرواية عن حذيفة بالذي ذكرنا عنه :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة : فَقاتِلُوا أئمّةَ الكُفْرِ قال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا حبيب بن حسان ، عن زيد بن وهب ، قال : كنت عند حذيفة ، فقرأ هذه الآية : فَقاتِلُوا أئمّةَ الكُفْرِ فقال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد .

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، قال : قرأ حذيفة : فَقاتِلُوا أئمّةَ الكُفْرِ قال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر : إنّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ لا عهد لهم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ قال : عهدهم .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن صلة ، عن عمار بن ياسر ، في قوله : لا أيمَانَ لَهُمْ قال : لا عهد لهم .

حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة في قوله : فَقاتِلُوا أئمّةَ الكُفْرِ إنّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ قال : لا عهد لهم .

وأما النكث فإن أصله : النقض ، يقال منه : نكث فلان قوي حبله إذا نقضها ، والأيمان : جمع اليمين .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : إنّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ فقرأه قرّاء الحجاز والعراق وغيرهم : إنّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ بفتح الألف من «أيمان » بمعنى : لا عهود لهم على ما قد ذكرنا من قول أهل التأويل فيه . وذُكر عن الحسن البصريّ أنه كان يقرأ ذلك : «إنّهُمْ لا إيمَانَ لَهُمْ » بكسر الألف ، بمعنى : لا إسلام لهم . وقد يتوجه لقراءته كذلك وجه غير هذا ، وذلك أن يكون أراد بقراءته ذلك كذلك : أنهم لا أمان لهم : أي لا تؤمنوهم ، ولكن اقتلوهم حيث وجدتموهم ، كأنه أراد المصدر من قول القائل : آمنته ، فأنا أومنه إيمانا .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءات في ذلك الذي لا أستجيز القراءة بغيره ، قراءة من قرأ بفتح الألف دون كسرها ، لإجماع الحجة من القراء على القراءة به ورفض خلافه ، ولإجماع أهل التأويل على ما ذكرت من أن تأويله لا عهد لهم . والأيمان التي هي بمعنى العهد ، لا تكون إلا بفتح الألف ، لأنها جمع «يمين » كانت على عقدٍ كان بين المتوادعين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمۡ فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَنتَهُونَ} (12)

{ وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم } وإن نكثوا ما بايعوا عليه من الإيمان أو الوفاء بالعهود . { وطعنوا في دينكم } بصريح التكذيب وتقبيح الأحكام . { فقاتلوا أئمة الكفر } أي فقاتلوهم ، فوضع أئمة الكفر موضع الضمير للدلالة على أنهم صاروا بذلك ذوي الرئاسة والتقدم في الكفر أحقاء بالقتل . وقبل المراد بالأئمة رؤساء المشركين فالتخصيص إما لأن قتلهم أهم وهم أحق به أو للمنع من مراقبتهم . وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي وروح عن يعقوب أئمة بتحقيق الهمزتين على الأصل والتصريح بالياء لحن . { إنهم لا أيمان لهم } أي لا أيمان لهم على الحقيقة وإلا لما طعنوا ولم ينكثوا ، وفيه دليل على أن الذمي إذا طعن في الإسلام فقد نكث عهده ، واستشهد به الحنفية على أن يمين الكافر ليست يمينا وهو ضعيف لأن المراد نفي الوثوق عليها لا أنها ليست بأيمان لقوله تعالى : { وإن نكثوا أيمانهم } وقرأ ابن عامر لا أيمان لهم بمعنى لا أمان أو لا إسلام ، وتشبث به من لم يقبل توبة المرتد وهو ضعيف لجواز أن يكون بمعنى لا يؤمنون على الإخبار عن قوم معينين أو ليس لهم إيمان فيراقبوا لأجله . { لعلهم ينتهون } متعلق ب " قاتلوا " أي ليكن غرضكم في المقاتلة أن ينتهوا عما هم عليه لا إيصال الأذية بهم كما هو طريقة المؤذين .