تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمۡ فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَنتَهُونَ} (12)

{ وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ( 12 ) }

التفسير :

12 – { وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ . . . } الآية .

أي : إن نقض هؤلاء المشركون ما أبرم من عهود ، وطعنوا في دينكم ، أي : عابوا القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم ، واستهزئوا بالمؤمنين كما كان يفعل شعراؤهم ، وزعماء الكفر فيهم ؛ فهم أئمة الكفر وقادته ورؤساؤه ، فقاتلوهم قتالا عنيفا ؛ إنهم لا عهود لهم ولا ذمة ؛ لأنهم لما لم يفوا بها ؛ صارت كأن لم تكن ، وذلك لتكون المقاتلة سببا في انتهائهم ورجوعهم ، عما هم فيه من الكفر والعناد والضلال ، وهذا من غاية كرم الله وفضله على الإنسان فقوله : { لعلهم ينتهون } . أي : عن كفرهم وباطلهم وإيذائهم المسلمين .

وفيه دليل على أن الذمي إذا طعن في الإسلام ؛ فقد نكث عهده ، وعلى أن القتال ليس بقصد المنافع الدنيوية أو الغنائم أو إظهار الاستعلاء ، وحب السيطرة ، وإرادة الانتقام ، وإما هو من أجل التمكين من قبول دعوة الإسلام ، وما الحرب إلا ضرورة يقتصر فيها على قدر الضرورة .

قال ابن كثير : والصحيح أن الآية عامة ، وإن كان سبب نزولها مشركي قريش فهي عامة لهم ولغيرهم .

قتل من طعن في الدين

استدل بعض العلماء بهذه الآية ، على وجوب قتل كل من طعن في الدين ؛ إذ هو كافر ، والطعن أن ينسب إليه ما لا يليق ، أو يعترض بالاستخفاف على ما هو من الدين ؛ لما ثبت من الدليل القطعي ، على صحة أصوله واستقامة فروعه .

وقال ابن المنذر : أجمع عامة أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ عليه القتل ، وممن قال ذلك مالك والليث وأحمد وإسحاق ، وهو مذهب الشافعي ، وقد حكى عن أبي حنيفة أنه قال : لا يقتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة ، وإنما يقتل بالحرابة والقتل15 .

قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم

أكثر العلماء على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة ، أو عرض به ، أو استخف بقدره ، أو وصفه بما لا يليق ، فإنه لم نعطه الذمة أو العهد على هذا ورأى أبو حنيفة والثوري ، أنه لا يقتل ، ما هو عليه من الشرك أعظم ، ولكن يعزر ويؤدب16 .