الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمۡ فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَنتَهُونَ} (12)

{ وَإِن نَّكَثُواْ } نقضوا يقال منه : نكث فلان قويَّ حبله إذا نقضه { أَيْمَانَهُم } عهودهم { مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ } عقدهم { وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ } ثلبوه وعابوه وذلك انهم قالوا : ليس دين محمد بشيء { فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ } قرأ أهل الكوفة أأُمّة الكفر بهمزتين على التحقيق لأن أصلها أمّمة مثل : مثال وأمثله وعماد وأعمدة ، ثم أُدغمت الميم التي هي عن أفعلة في الميم الثانية ونُقلت حركتها إلى الهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل فصار أئمة ، فإنّما كتبت الهمزة الثانية ياءً لما فيها من الكسرة وهي لغة تميم ، وقرأ الباقون : أيمة ( بهمزة واحدة ) من دون الثانية طلباً للخفّة ، أئمّة الكفر : رؤوس المشركين وقادتهم من أهل مكة .

قال ابن عباس : نزلت في أبي سفيان بن حرب والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو ، وعكرمة بن أبي جهل ، وسائر رؤساء قريش يومئذ الذين نقضوا العهد ، وهم الذين همّوا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم وقال مجاهد : هم أهل فارس الروم ، وقال حذيفة بن اليمان : ما قُوتل أهل هذه الآية ولم يأت أهلها بعد { إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ } عهودهم ، جمع يمين أي وفاء باليمين . قال قطرب : لا وفاء لهم بالعهد وأنشد :

وإن حَلَفَتْ لاينقض النّأيّ عهدَها *** فليس لمخضوب البنان يمين

الحسين وعطاء وابن عامر : لا إيمان لهم بكسر الهمزة ، ولها وجهان : أحدهما لاتصديق لهم ، يدل عليه تأويل عطية العوفي قال : لا دين لهم ولا ذمّة ، فلا تؤمنوا بهم فاقتلوهم ، حيث وجدتموهم فيكون مصدراً من الإيمان الذي هو ضد الاخافة قال الله عز وجل :

{ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [ قريش : 4 ] { لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ } لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم ، وقيل : عن الكفر .