مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِن نَّكَثُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمۡ فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَآ أَيۡمَٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَنتَهُونَ} (12)

{ وَإِن نَّكَثُواْ أيمانهم مّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ } أي نقضوا العهود المؤكد بالأيمان { وَطَعَنُواْ فِى دِينِكُمْ } وعابوه { فقاتلوا أَئِمَّةَ الكفر } فقاتلوهم ، فوضع أئمة الكفر موضع ضميرهم وهم رؤساء الشرك ، أو زعماء قريش الذين هموا بإخراج الرسول وقالوا : إذا طعن الذمي في دين الإسلام طعناً ظاهراً جاز قتله لأن العهد معقود معه على أن لا يطعن فإذا طعن فقد نكث عهده وخرج من الذمة . { أَئِمَّةَ } بهمزتين : كوفي وشامي ، الباقون : بهمزة واحدة غير ممدودة بعدها ياء مكسرورة ، أصلها «أأممة » لأنها جمع إمام كعماد وأعمدة ، فنقلت حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة وأدغمت في الميم الأخرى . فمن حقق الهمزتين أخرجهما على الأصل ، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها { إنهم لا أيمان لهم } وإنما أثبت لهم الإيمان في قوله { وَإِن نَّكَثُواْ أيمانهم } لأنه أراد أيمانهم التي أظهروها ثم قال { لا إيمان لَهُمْ } على الحقيقة وهو دليل لنا على أن يمين الكافر لا تكون يميناً ، ومعناه عند الشافعي رحمه الله أنهم لا يوفون بها لأن يمينهم يمين عنده حيث وصفها بالنكث . { لا أيمان } شامي أي لا إسلام { لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ } متعلق ب { فقاتلوا أَئِمَّةَ الكفر } وما بينها اعتراض أي ليكن غرضكم في مقاتلتهم انتهاءهم عما هم عليه بعدما وجد منهم من العظائم ، وهذا من غاية كرمه على المسيء .