معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٞ} (17)

قوله تعالى : { إذ يتلقى المتلقيان } أي : يتلقى ويأخذ الملكان بالإنسان عمله ومنطقه يحفظانه ويكتبانه ، { عن اليمين وعن الشمال } أي : أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ، فالذي عن اليمين يكتب الحسنات ، والذي عن الشمال يكتب السيئات . { قعيد } أي : قاعد ، ولم يقل : قعيدان ، لأنه أراد : عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد فاكتفى بأحدهما عن الآخر ، هذا قول أهل البصرة . وقال أهل الكوفة : أراد : قعوداً ، كالرسول يجعل للاثنين والجمع ، كما قال الله تعالى في الاثنين : { فقولا إنا رسول رب العالمين } ( الشعراء-16 ) ، وقيل : أراد بالقعيد الملازم الذي لا يبرح ، لا القاعد الذي هو ضد القائم . وقال مجاهد : القعيد الرصيد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٞ} (17)

وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال ، فيجلهم ويوقرهم ، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه ، مما لا يرضي رب العالمين ، ولهذا قال : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } أي : يتلقيان عن العبد أعماله كلها ، واحد { عَنِ الْيَمِينِ } يكتب الحسنات { و } الآخر { عن الشِّمَالِ } يكتب السيئات ، وكل منهما { قَعِيدٌ } بذلك متهيئ لعمله الذي أعد له ، ملازم له{[825]} .


[825]:- في ب: لذلك.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٞ} (17)

و { إِذْ } فى قوله - تعالى - : { إِذْ يَتَلَقَّى المتلقيان . . } ظرف منصوب بقوله { أَقْرَبُ } أى : ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ، فى الوقت الذى يتلقى فيه { المتلقيان } وهما الملكان جميع ما يصدر عن هذا الإِنسان .

وهو - سبحانه - وإن كان فى غير حاجة إلى كتابة هذين الملكين لما يصدر عن الإِنسان ، إلا أنه - تعالى - قضى بذلك لحكم متعددة ، منها إقامة الحجة على العبد يوم القيامة ، كما أشار - سبحانه - إلى ذلك فى قوله : { . . . وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً اقرأ كتابك كفى بِنَفْسِكَ اليوم عَلَيْكَ حَسِيباً } ومفعول التلقى فى الفعل الذى هو يتلقى ، وفى الوصف الذى هو المتلقيان ، محذوف ، والتقدير إذ يتلقى المتلقيان جميع ما يصدر عن الإِنسان فيكتبانه عليه .

وقوله : { عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ } بيان ليقظة الملكين وحرصهما على تسجيل لكل ما يصدر عن الإِنسان .

و { قَعِيدٌ } بمعنى المقاعد ، أى الملازم للإِنسان ، كالجليس بمعنى المجالس .

والمعنى : عن يمين الإِنسان ملك ملازم له لكتابة الحسنات ، وعن الشماء كذلك ملك آخر ملازم له لكتابة السيئات وحذف لفظ قعيد من الأول لدلالة الثانى عليه ، كما فى قول الشاعر :

نحن بما عندنا وأنت بما . . . عندك راض والرأى مختلف

أى : نحن راضون بما عندنا وأنت راض بما عندك . .