{ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } أي يتلقّى ، ويأخذ الملكان الموكلان عليك ، وكَّل الله سبحانه بالإنسان مع علمه بأحواله ، ملكين بالليل ، وملكين بالنهار يحفظان عمله ، ويكتبان أثره ، إلزاماً للحجّة ، أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات ، والآخر عن شماله يكتب السيّئات ، فذلك قوله سبحانه : { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ } ولم يقل : قعيدان . قال أهل البصرة : لأنّه أراد عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد ، فاكتفى بأحدهما عن الآخر ، كقول الشاعر :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك *** راض والرأي مختلف
إنّي ضمنت لمن أتاني ما جنى *** وأبى فكان وكنت غير غدور
ولم يقل : غدورين ، والقعيد ، والقاعد كالسميع ، والعليم ، والقدير ، فقال أهل الكوفة : أراد قعوداً رده إلى الجنس ، فوضع الواحد موضع الجمع ، كالرسول في الاثنين يجعل للاثنين ، والجمع ، قال الله سبحانه في الاثنين :
{ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 16 ] وقال الشاعر :
ألكني إليها وخير الرسول *** أعلمهم بنواحي الخبر
أخبرنا الحسين ، قال : حدّثنا أحمد بن جعفر بن سالم الختلي . قال : حدّثنا أحمد بن أيّوب الرخاني . قال : حدّثنا جميل بن الحسن ، قال : حدّثنا أرطأة بن الأشعث العدوي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّ مقعد ملكيك على ثنيتيك ، ولسانك قلمهما ، وريقك مدادهما ، وأنت تجري أظنّه قال : فيما لا يعنيك لا تستحي من الله ، ولا منهما " .
وأخبرنا الحسين بن محمد بن منجويه الدينوري ، قال : حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : حدّثنا الفضل بن العبّاس بن مهران . قال : حدّثنا طالوت . قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة . قال : أخبرنا جعفر بن الزبير ، عن القاسم بن محمد ، عن أبي أُمامة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " كاتب الحسنات على يمين الرجل ، وكاتب السيّئات على يسار الرجل ، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيّئات ، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشراً ، وإذا عمل سيئة ، قال صاحب اليمين لصاحب الشمال : دعه سبع ساعات لعلّه يسبِّح أو يستغفر " .
قال الحسن : إنّ الملائكة يجتنبون الإنسان على حالين : عند غائطه ، وعند جماعه ، وقال أبو الجوزاء ، ومجاهد : يكتبان عليه كلّ شيء حتّى أنينه في مرضه ، وقال عكرمة : لا يكتبان عليه إلاّ ما يؤجر عليه أو يؤزر فيه ، وقال الضحّاك : مجلسهما تحت الشعر على الحنك .
ومثله روى عوف عن الحسن ، قال : وكان الحسن يعجبه أن ينظف عنفقته .
وقال عطية ومجاهد : القعيد الرصيد .
أخبرنا أبو القاسم بن حبيب في سنة ست وثمانين وثلاثمائة ، قال : حدّثنا أبو محمد البلاذري . قال : حدّثنا محمد بن أيّوب الرازي . قال : حدّثنا أبو التقى هشام بن عبد الملك . قال : حدّثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي ، عن تمام بن نجيح ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، وأنس ، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من حافظين يرفعان إلى الله سبحانه ما حفظا فيرى الله سبحانه في أوّل الصحيفة خيراً ، وفي آخرها خيراً ، إلاّ قال لملائكته : اشهدوا أنّي قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة " .
وأخبرنا أبو سهل بن حبيب بقراءتي عليه ، قال : حدّثنا أبو بكر أحمد بن موسى ، قال : حدّثنا زنجويه بن محمد . قال : حدّثنا إسماعيل بن قتيبة . قال : حدّثنا يحيى بن يحيى . قال : حدّثنا عثمان بن مطر الشيباني ، عن ثابت عن أنس . أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بأنّ الله سبحانه وكّل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله ، فإذا مات ، قال الملكان اللّذان وكّلا به يكتبان عمله : قد مات فلان ، فيأذن لنا ، فنصعد إلى السماء ، فيقول الله سبحانه : سمائي مملوءة من ملائكتي يسبِّحون ، فيقولان : نقيم في الأرض . فيقول الله سبحانه : أرضي مملوءة من خلقي يسبِّحون . فيقولان : فأين ؟ فيقول : قوما على قبر عبدي . فكبّراني ، وهللاني ، واكتبا ذلك لعبدي ليوم القيامة " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.