السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٞ} (17)

وقوله تعالى : { إذ يتلقى } ظرف لأقرب ويجوز أن يكون منصوباً باذكر أي واذكر إذ يتلقى أي بغاية الاجتهاد والمراقبة والمراعاة من كل إنسان خلقناه وأبرزناه إلى هذا الوجود { المتلقيان } أي : الملكان الموكلان بعمل الإنسان ومنطقه يحفظانه ويكتبانه حال كونهما { عن اليمين } لكل إنسان { وعن الشمال } أي : أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فالذي عن اليمين يكتب الحسنات والذي عن الشمال يكتب السيئات وقوله تعالى : { قعيد } أي : قاعدان . مبتدأ وخبره ما قبله لأنّ فعيلاً يطلق على الواحد والمتعدّد كقوله تعالى : { بعد ذلك ظهير } [ التحريم : 4 ] قال ابن عادل : والأجود أن يدع حذف إما من الأوّل أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد وإما من الثاني فيكون قعيد الملفوظ به للأوّل ومثله قوله :

رماني بأمر كنت منه ووالدي *** بريئاً ومن أجل الطويّ رماني

وقال مجاهد : القعيد المرصد . ونحن أعلم منهما وأقرب وإنما استحفظناهما لإقامة الحجة بهما على مجاري عاداتكم وغير ذلك من الحكم .