معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَآ أَدۡنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (7)

قوله تعالى : { ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون } قرأ أبو جعفر بالتاء ، لتأنيث النجوى ، وقرأ الآخرون بالياء لأجل الحائل ، { من نجوى ثلاثة } أي من سرار ثلاثة ، يعني من المسارة ، أي : ما من شيء يناجي به الرجل صاحبيه ، { إلا هو رابعهم } بالعلم وقيل : معناه ما يكون من متناجين ثلاثة يسار بعضهم بعضاً إلا هو رابعهم بالعلم ، يعلم نجواهم ، { ولا خمسة إلا هو سادسهم } { ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا } قرأ يعقوب : { أكثر } بالرفع على محل الكلام قبل دخول من . { ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم . } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَآ أَدۡنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِن نّجْوَىَ ثَلاَثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىَ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمّ يُنَبّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّ اللّهَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تنظر يا محمد بعين قبلك فترى أنّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السّمَوَاتِ وَما فِي الأرْضِ من شيء ، لا يخفى عليه صغير ذلك وكبيره يقول جلّ ثناؤه : فكيف يخفى على من كانت هذه صفته أعمال هؤلاء الكافرين وعصيانهم ربهم ، ثم وصف جلّ ثناؤه قربه من عباده وسماعه نجواهم ، وما يكتمونه الناس من أحاديثهم ، فيتحدثونه سرّا بينهم ، فقال : ما يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ من خلقه إلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ يسمع سرّهم ونجواهم ، لا يخفى عليه شيء من أسرارهم وَلا خَمْسَةٍ إلاّ هُوَ سادِسُهُمْ يقول : ولا يكون من نجوى خمسة إلا هو سادسهم كذلك وَلا أدْنَى مِنْ ذلكَ يقول : ولا أقلّ من ثلاثة وَلا أكْثَرَ من خمسة إلاّ هُوَ مَعَهُمْ إذا تناجوا أيْنَما كانُوا يقول : في أيّ موضع ومكان كانوا .

وعنى بقوله هُو رَابِعُهُمْ بمعنى أنه مشاهدهم بعلمه ، وهو على عرشه ، كما :

حدثني عبد الله بن أبي زياد ، قال : ثني نصر بن ميمون المضروب ، قال : حدثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، عن الضحاك ، في قول ما يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ . . . إلى قوله هُوَ مَعَهُمْ قال : هو فوق العرش وعلمه معهم أيْنَما كانُوا ثُمّ يُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ القِيامَة إنّ اللّهَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .

وقوله : ثُمّ يُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ القِيامَةِ يقول تعالى ذكره : ثم يخبر هؤلاء المتناجين وغيرهم بما عملوا من عمل مما يحبه و يسخطه يوم القيامة إنّ اللّهَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يقول : إن الله بنجواهم وأسرارهم ، وسرائر أعمالهم ، وغير ذلك من أمورهم وأمور عباده عليم .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : ما يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ فقرأت قرّاء الأمصار ذلك ما يَكُونُ مِنْ نَجْوَى بالياء ، خلا أبي جعفر القارىء ، فإنه قرأه : «ما تَكُونُ » بالتاء . والياء هي الصواب في ذلك ، لإجماع الحجة عليها ، ولصحتها في العربية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَآ أَدۡنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (7)

وقوله تعالى : { من نجوى ثلاثة } ، يحتمل { من نجوى } أن يكون مصدراً مضافاً إلى { ثلاثة } ، كأنه قال : من سرار ثلاثة ، ويحتمل { نجوى } أن يكون المراد به جمعاً من الناس مسمى بالمصدر كما قال في آية أخرى : { وإذ هم نجوى }{[11004]} [ الإسراء : 47 ] أي أولو نجوى ، فيكون قوله تعالى : { ثلاثة } على هذا بدلاً { من نجوى } وفي هذا نظر .

وقوله تعالى : { إلا هو رابعهم } أي بعلمه وإحاطته ومقدرته .

وقرأ جمهور الناس : «ما يكون » وقرأ أبو جعفر القارئ وأبو حيوة : «ما تكون » بالتاء منقوطة من فوق ، وفي مصحف ابن مسعود : «ولا أربعة إلا الله خامسهم » ، وكذلك : «إلا الله رابعهم » ، و : «إلا الله سادسهم » .

وقرأ جمهور القراء : «ولا أكثر » عطفاً على اللفظ المخفوض ، وقرأ الأعمش والحسن وابن أبي إسحاق : «ولا أكثرُ » بالرفع عطفاً على الموضع ، لأن التقدير ما يكون نجوى ، ومن جعل النجوى مصدراً محضاً قدر قبل { أدنى } فعلاً تقديره : ولا يكون أدنى ، وقرأ الخليل بن أحمد : «ولا أكبر » ، بالباء واحدة من تحت ، وباقي الآية بين .


[11004]:من الآية (47) من سورة (الإسراء).