وقوله : { إنْ كانَتْ إلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فإذَا هُمْ خامِدُونَ }يقول : ما كانت هَلَكتهم إلا صيحة واحدة أنزلها الله من السماء عليهم .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار : { إنْ كانَتْ إلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً }نصبا على التأويل الذي ذكرت ، وأنّ في { كانت } مضمرا . وذُكر عن أبي جعفر المدني أنه قرأه : { إلاّ صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ } رفعا على أنها مرفوعة بكان ، ولا مضمر في كان .
والصواب من القراءة في ذلك عندي النصب لإجماع الحجة على ذلك ، وعلى أن في { كانت } مضمرا .
وقرأ الجمهور «إلا صيحةً » بالنصب على خبر «كان » ، أي ما كان عذابهم إلا صحية واحدة ، وقرأ أبو جعفر ومعاذ بن الحارث{[2]} «إلا صيحةٌ » بالرفع ، وضعفها أبو حاتم{[3]} ، والوجه فيها أنها ليست «كان » التي تطلب الاسم والخبر ، وإنما التقدير ما وقعت أو حدثت إلا صحية واحدة ، وقرأ ابن مسعود وعبد الرحمن بن الأسود{[4]} إلا زقية «وهي الصيحة » من الديك ونحوه من الطير{[5]} ، و { خامدون } ساكنون موتى لاطون بالأرض{[6]} شبهوا بالرماد الذي خمدت ناره وطفئت .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إن كانت إلا صيحة واحدة} من جبريل عليه السلام ليس لها مثنوية، {فإذا هم خامدون} موتى مثل النار إذا طفئت لا يسمع لها صوت.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله: {إنْ كانَتْ إلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فإذَا هُمْ خامِدُونَ} يقول: ما كانت هَلَكتهم إلا صيحة واحدة أنزلها الله من السماء عليهم...
وقوله: {فإذَا هُمْ خامِدُونَ} يقول: فإذا هم هالكون.
{واحدة} تأكيد لكون الأمر هينا عند الله.
{فإذا هم خامدون} فيه إشارة إلى سرعة الهلاك فإن خمودهم كان مع الصيحة وفي وقتها لم يتأخر، ووصفهم بالخمود في غاية الحسن؛ وذلك لأن الحي فيه الحرارة الغريزية، وكلما كانت الحرارة أوفر كانت القوة الغضبية والشهوانية أتم وهم كانوا كذلك، أما الغضب فإنهم قتلوا مؤمنا كان ينصحهم، وأما الشهوة؛ فلأنهم احتملوا العذاب الدائم بسبب استيفاء اللذات الحالية؛ فإذن كانوا كالنار الموقدة؛ ولأنهم كانوا جبارين مستكبرين كالنار ومن خلق منها فقال: {فإذا هم خامدون}...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
لم يذكر لنا الكتاب الكريم كيف كانت الصيحة، ولا كيف نزل بهم العذاب، وتفصيل ذلك لا يعنينا، فالعبرة تحصل بدون بيانه، إذ المراد انتقام الله وعذابه لمن كذب أولياءه، على أي نحو كان ذلك العذاب...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
لا يطيل هنا في وصف مصرع القوم، تهويناً لشأنهم، وتصغيراً لقدرهم.. ويسدل الستار على مشهدهم البائس المهين الذليل!
{إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} أي: ما كانت إلا صيحة واحدة {فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يس: 29] كلمة {خَامِدُونَ} [يس: 29] تدل على أنهم كانوا متحمسين للكفر... في أُوَار وغضب واشتعال على رسل الله أولاً، ثم على الرجل المتطوع ثانياً، فهُمْ في ذلك أشبه بالنار المتأججة، فأخمدها الله.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
لم تكن سوى صيحة لم تتجاوز اللحظة الخاطفة في وقوعها، صيحة أسكتت جميع الصيحات، هزّة أوقفت كلّ شيء عن التحرّك، وهكذا هي قدرة الله سبحانه وتعالى، وهكذا هو مصير قوم ضالّين لا نفع فيهم...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.