البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ خَٰمِدُونَ} (29)

وقرأ : { إن كانت إلا صيحة } ، بنصب الصيحة ، وكان ناقصة واسمها مضمر ، أي إن كانت الأخذة أو العقوبة .

وقرأ أبو جعفر ، وشيبة ، ومعاذ بن الحارث القارىء : صيحة بالرفع في الموضعين على أن كانت تامة ، أي ما خدثت أو وقعت إلا صيحة ، وكان الأصل أن لا يلحق التاء ، لأنه إذا كان الفعل مسنداً إلى مابعد إلا من المؤنث ، لم تلحق العلامة للتأنيث فيقول : ما قام إلا هند ، ولا يجوز : ما قامت إلا هند ، عند أصحابنا إلا في الشعر ، وجوزه بعضهم في الكلام على قلة .

ومثله قراءة الحسن ، ومالك بن دينار ، وأبي رجاء ، والجحدري ، وقتادة ، وأبي حيوة ، وابن أبي عبلة ، وأبي بحرية : لا ترى إلا مساكتهم بالتاء ، والقراءة المشهورة بالياء ، وقول ذي الرمة :

وما بقيت إلا الضلوع الجراشع . . .

وقول الآخر :

ما برئت من ريبة وذمّ *** في حربنا إلا بنات العمّ

فأنكر أبو حاتم وكثير من النحويين هذه القراءة بسبب لحوق تاء التأنيث .

{ فإذا هم خامدون } : أي فاجأهم الخمود إثر الصيحة ، لم يتأخر .

وكنى بالخمود عن سكوتهم بعد حياتهم ، كنار خمدت بعد توقدها .