الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ خَٰمِدُونَ} (29)

«إن كانت إلاّ صيحة واحدة » : إن كانت الأخذة أو العقوبة إلاّ صيحة واحدة . وقرأ أبو جعفر المدني بالرفع على كان التامة ، أي : ما وقعت إلاّ صيحة ، والقياس والاستعمال على تذكير الفعل ؛ لأنّ المعنى : ما وقع شيء إلاّ صيحة ، ولكنه نظر إلى ظاهر اللفظ وأن الصيحة في حكم فاعل الفعل ، ومثلها قراءة الحسن : «فأصبحوا لا ترى إلاّ مساكنهم » وبيت ذي الرمّة :

وَمَا بَقِيَتْ إلاَّ الضُّلُوعُ الْجَرَاشِعُ ***

وقرأ ابن مسعود «إلازقية واحدة » من زقا الطائر يزقو ويزقي ، إذا صاح . ومنه المثل : أثقل من الزواقي { خامدون } :خمدوا كما تخمد النار ، فتعود رماداً ، كما قال لبيد :

وَمَا الْمَرْءُ إلاَّ كَالشَّهَابِ وَضَوْئِه ِ*** يَحُورُ رَمَاداً بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ