معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ وَفَرِحُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ} (26)

قوله تعالى : { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } ، أي : يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء . { وفرحوا بالحياة الدنيا } ، يعني : مشركي مكة أشروا وبطروا ، والفرح : لذة في القلب بنيل المشتهي ، وفيه دليل على أن الفرح بالدنيا حرام . { وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع } أي : قليل ذاهب . قال الكلبي : كمثل السكرجة والقصعة والقدح والقدر ينتفع بها ثم تذهب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ وَفَرِحُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى : { اللّهُ يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدّنْيَا فِي الاَخِرَةِ إِلاّ مَتَاعٌ } .

يقول تعالى ذكره : الله يوسع على من يشاء من خلقه في رزقه ، فيبسط له منه ، لأن منهم من لا يصلحه إلا ذلك . وَيَقْدِرُ يقول : ويقتر على من يشاء منهم في رزقه وعيشه ، فيضيقه عليه ، لأنه لا يصلحه إلا الإقتار . وَفَرِحُوا بالحَياةِ الدّنيْا يقول تعالى ذكره : وفرح هؤلاء الذين بسط لهم في الدنيا من الرزق على كفرهم بالله ومعصيتهم إياه بما بسط لهم فيها ، وجهلوا ما عند الله لأهل طاعته والإيمان به في الاَخرة من الكرامة والنعيم . ثم أخبر جلّ ثناؤه عن قدر ذلك في الدنيا فيما لأهل الإيمان به عنده في الاَخرة وأعلم عباده قلته ، فقال : وَما الحَياةُ الدّنيْا فِي الاَخِرَةِ إلاّ مَتاعٌ يقول : وما جميع ما أعطى هؤلاء في الدنيا من السعة وبسط لهم فيها من الرزق ورغد العيش فيما عند الله لأهل طاعته في الاَخرة إلا متاع قليل وشيء حقير ذاهب . كما :

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيج ، عن مجاهد ، قوله : إلاّ مَتاعٌ قال : قليل ذاهب .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . قال : وثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَما الحَياةُ الدّنيْا فِي الاَخِرَةِ إلاّ مَتاعٌ قال : قليل ذاهب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن بكير بن الأخنس ، عن عبد الرحمن بن سابط في قوله : وَفَرِحُوا بالحَياةِ الدّنيْا وَما الحَياةُ الدّنيْا فِي الاَخِرَة إلاّ مَتاعٌ قال : كزاد الراعي يزوّده أهله الكفّ من التمر ، أو الشيء من الدقيق ، أو الشيء يشرب عليه اللبن .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ وَفَرِحُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ} (26)

{ الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } يوسعه ويضيقه . { وفرحوا } أي أهل مكة . { بالحياة الدنيا } بما بسط لهم في الدنيا . { وما الحياة الدنيا في الآخرة } أي في جنب الآخرة . { إلا متاع } إلا متعة لا تدوم كعجالة الراكب وزاد الراعي ، والمعنى أنهم أشروا بما نالوا من الدنيا ولم يصرفوه فيما يستوجبون به نعيم الآخرة واغتروا بما هو في جنبه نزر قليل النفع سريع الزوال .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ وَفَرِحُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ} (26)

وقوله : { الله يبسط الرزق لمن يشاء } الآية ، لما أخبر عمن تقدمت صفته بأن { لهم اللعنة ولهم سوء الدار } أنحى بعد ذلك على أغنيائهم ، وحقر شأنهم وشأن أموالهم ، المعنى : أن هذا كله بمشيئة الله ، يهب الكافر المال ليهلكه به ، ويقدر على المؤمن ليعظم بذلك أجره وذخره .

وقوله : { ويقدر } أي من التقدير ، فهو مناقض يبسط . ثم استجهلهم في قوله : { وفرحوا بالحياة الدنيا } وهي بالإضافة إلى الآخرة متاع ذاهب مضمحل يستمتع به قليلاً ثم يفنى . و «المتاع » : ما يتمتع به مما لا يبقى وقال الشاعر : [ الوافر ]

تمتَّعْ يا مشعث إن شيئاً *** سبقت به الممات هو المتاع{[6961]}


[6961]:البيت للمشعث العامري، وهو من مقطوعة له يخاطب نفسه، استشهد به صاحب اللسان على معنى المتاع، قال: "والمتاع: كل ما ينتفع به من عروض الدنيا قليلها وكثيرها"، وكذلك ذكره صاحب تاج العروس في (متع)، وذكره أبو عبيدة في "مجاز القرآن" شاهدا على معنى المتاع، وكذلك ذكره المرزباني في "معجم الشعراء".