بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ وَفَرِحُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ} (26)

قوله تعالى : { الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَاء } يعني : يوسع الرزق لمن يشاء من عباده ، { وَيَقْدِرُ } يعني : يقتر في الرزق . يعني : يختار للغني الغنى ، وللفقير الفقر ، لأنه يعلم أن صلاحه فيه . وروي عن ابن عباس أنه قال : إن الله تعالى خلق الخلق ، وهو بهم عليم . فجعل الغنى لبعضهم صلاحاً ، وجعل الفقر لبعضهم صلاحاً ، فذلك الخيار للفريقين وقال الحسن البصري : ما أحد من الناس يبسط الله له في الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر به فيها إلا كان قد نقص علمه وعجز رأيه ، وما أمسكها الله تعالى عن عبد فلم يظن أنه قد خير له فيها إلا كان قد نقص علمه وعجز رأيه .

ثم قال تعالى : { وَفَرِحُواْ بالحياة الدنيا } يقول : استأثروا الدنيا على الآخرة { وَمَا الحياة الدنيا فِى الآخرة إِلاَّ متاع } يعني : الدنيا بمنزلة الأواني التي لا تبقى مثل السكرجة ، والزجاجة ، وأشباه كل ذلك التي يتمتع بها ثم تذهب ، فكذلك هذه الدنيا تذهب وتفنى . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إلاَّ كَمَثَلِ مَاء يَجْعَلُ أَحَدُكُم أصْبُعَهُ فِي اليَمِّ ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجعُ » . وقال مجاهد : { إِلاَّ متاع } أي : قليل ذاهب ، وهكذا قال مقاتل .