معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

قوله تعالى : { وقيضنا لهم } ، أي : بعثنا ووكلنا ، وقال مقاتل : هيأنا . وقال الزجاج : سببنا لهم . { قرناء } نظراء من الشياطين حتى أضلوهم ، { فزينوا لهم ما بين أيديهم } من أمر الدنيا حتى آثروه على الآخرة ، { وما خلفهم } من أمر الآخرة فدعوهم إلى التكذيب به وإنكار البعث ، { وحق عليهم القول في أمم } مع أمم . { قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَيّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيّنُواْ لَهُم مّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِيَ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ الْجِنّ وَالإِنْسِ إِنّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : وَقَيّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ وبعثنا لهم نُظراء من الشياطين ، فجعلناهم لهم قرناء قرنّاهم بهم يزيّنون لهم قبائح أعمالهم ، فزينوا لهم ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَقَيّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ قال : الشيطان .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : وَقَيّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ قال : شياطين .

وقوله : فَزَيّنُوا لَهُمْ ما بَينَ أيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ يقول : فزين لهؤلاء الكفار قرناؤهم من الشياطين ما بين أيديهم من أمر الدنيا . فحسنوا ذلك لهم وحبّبوه إليهم حتى آثروه على أمر الاَخرة وَما خَلْفَهُمْ يقول : وحسّنوا لهم أيضا ما بعد مماتهم بأن دعوهم إلى التكذيب بالمعاد ، وأن من هلك منهم ، فلن يُبعث ، وأن لا ثواب ولا عقاب حتى صدّقوهم على ذلك ، وسهل عليهم فعل كلّ ما يشتهونه ، وركوب كلّ ما يلتذونه من الفواحش باستحسانهم ذلك لأنفسهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَزَيّنُوا لَهُمْ ما بَينَ أيْدِيهِمْ من أمر الدنيا وَما خَلْفَهُمْ من أمر الاَخرة .

وقوله : وَحَقّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ يقول تعالى ذكره : ووجب لهم العذاب بركوبهم ما ركبوا مما زين لهم قرناؤهم وهم من الشياطين ، كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَحَقّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ قال : العذاب .

في أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الجِنّ والإنْسِ ، يقول تعالى ذكره : وحقّ على هؤلاء الذين قيضنا لهم قُرَناء من الشياطين ، فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم العذاب في أمم قد مضت قبلهم من ضربائهم ، حقّ عليهم من عذابنا مثل الذي حَقّ على هؤلاء بعضهم من الجنّ وبعضهم من الإنس إنّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ يقول : إن تلك الأمم الذين حقّ عليهم عذابنا من الجنّ والإنس ، كانوا مغبونين ببيعهم رضا الله ورحمته بسخطه وعذابه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

{ وقيضنا } وقدرنا . { لهم } للكفرة . { قرناء } أخدانا من الشياطين يستولون عليهم استيلاء القبض على البيض وهو القشر ، وقيل أصل القيض البدل ومنه المقايضة لمعاوضة . { فزينوا لهم ما بين أيديهم } من أمر الدنيا واتباع الشهوات . { وما خلفهم } من أمر الآخرة وإنكاره . { وحق عليهم القول } أي كلمة العذاب . { في أمم } في جملة أمم كقول الشاعر :

إن تك عن أحسن الصنيعة مأ *** فوكا ففي آخرين قد أفكوا

وهو حال من الضمير المجرور . { وقد خلت من قبلهم من الجن والإنس } وقد عملوا مثل أعمالهم . { إنهم كانوا خاسرين } تعليل لاستحقاقهم العذاب ، والضمير { لهم } ولل { أمم } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

ثم وصف عز وجل حالهم في الدنيا وما أصابهم به حين أعرضوا ، فختم عليهم فقال : { وقيضنا لهم قرناء } أي يسرنا لهم { قرناء } سوء من الشياطين وغواة الإنس .

وقوله : { فزينوا لهم ما بين أيديهم } أي علموهم وقرروا في نفوسهم معتقدات سوء في الأمور التي تقدمتهم من أمر الرسل والنبوات ، ومدح عبادة الأصنام واتباع فعل الآباء إلى غير ذلك مما يقال إنه بين أيديهم ، وذلك كل ما تقدمهم في الزمان واتصل إليهم أثره أو خبره ، وكذلك أعطوهم معتقدات سوء فيما خلفهم وهو كل ما يأتي بعدهم من القيامة والبعث ونحو ذلك مما يقال فيه إنه خلف الإنسان ، فزينوا لهم في هذين كل ما يرديهم ويفضي بهم إلى عذاب جهنم .

وقوله : { وحق عليهم القول } أي سبق القضاء الحتم ، وأمر الله بتعذيبهم في جملة أمم معذبين كفار { من الجن والإنس } وقالت فرقة : { في } بمعنى : مع ، أي مع أمم ، والمعنى يتأدى بالحرفين ، ولا نحتاج أن نجعل حرفاً بمعنى حرف إذ قد أبى ذلك رؤساء البصريين .