قوله : «وَقَيَّضْنَا لَهُمْ » بعثنا لهم وولكنا ، وقال مقاتل : هَيَّأْنَاهُ{[48755]} . وقال الزجاج : سينالهم{[48756]} وأصل التقييض التيسير والتهيئة ، قيضته للداء هيأته له ويسّرته ، وهذان ثوبان قيِّضان أي كل منهما مكافئ للآخر في الثمن . والمقايضة المعارضة ، وقوله { نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً } [ الزخرف : 36 ] أي نسهل ونيسر ليستولي عليه استيلاء القَيْض على البَيْض{[48757]} .
والقيض في الأصل قشر البيض الأعلى{[48758]} . قال الجوهري{[48759]} : ويقال : قايضت الرجل مقايضة أي عاوضته بمتاع ، وهما قيضان كما يقال : بيعان . وقيَّض الله فلاناً لفلان أي جاء به ومنه قوله تعالى : { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ }{[48760]} و المراد بالقرناء النظراء من الشياطين حتى أضلوهم { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } من أمر الدنيا حتى آثروه على الآخرة «وَمَا خَلْفَهُمْ » من أمر الآخرة فدعوهم إلى التكذيب وإنكار البعث{[48761]} .
وقال الزجاج : زينوا ( لهم{[48762]} ما بين أيديهم من أمر الآخرة أنَّه لا بعث ولا جنة ولا نار ، وما خلفهم من أمر الدنيا وأن الدنيا قديمة ، ولا صانع إلا الطبائع والأفلاك{[48763]} .
وقيل{[48764]} : مابين أيديهم أعمالهم التي يعملونها وما خلفهم ما يعزمون{[48765]} أن يعملوه .
وقال ابن زيد : مابين أيديهم ما مضى من أعمالهم الخبيثة ( وما بقي من أعمالهم الخسيسة ){[48766]} ) .
دلت هذه الآية على أنه تعالى يريد الكفر من الكافر ؛ لأنه تعالى قيَّض لهم قرناء فزينوا لهم الباطل ، وهذا يدل على أنه تعالى أراد منهم الكفر .
وأجاب الجُبَّائيُّ بأن قال : لو أراد المعاصي لكانوا بفعلها{[48767]} مطيعين ؛ لأن الفاعل لما يريده منه غيره يجب أن يكون مطيعاً له . وأجاب ابن الخطيب : بأنه لو كان من فعل ما أراده غيره مطيعاً له لوجب أن يكون الله مطيعاً لعباده إذا فعل ما أرادوه{[48768]} فهذا إلزام الشيء على نفسه وإن أردت غيره فلا بد من بيانه حتى ينظر فيه هلا يصح أم لا{[48769]} .
قوله : «فِي أُمَمٍ » نصب على الحال من الضمير في «عَلَيْهِمْ » والمعنى كائنين في جملة أمَمٍ ، وهذا كقوّله ( شِعْراً ){[48770]} :
4364 إنّْ تَكُ عَنْ أَحْسَنِ الصَّنِيعَة مَأْ *** فُوكاً فَفِي آخَرِين قَدْ اَفِكُوا{[48771]}
أي في جملة قوم آخرين . وقيل : في بمعنى «مع »{[48772]} .
احتجّ أهل السنة بأنه تعالى أخبر أن هؤلاء حق عليهم القول فلو لم يكونوا كفاراً لانقلب هذا الخبر الحق باطلاً ، وهذا العلم جهلاً ، وهذا الخبر الصدق كذباً ، وكل ذلك محال ، ومستلزم المحال فثبت أن صدور الإيمان وعدم صدور الكفر عنهم محال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.