فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

{ وَقَيَّضْنَا } أصل التقييض التيسير والتهيئة أي هيأنا { لَهُمْ } أي لكفار قريش وغيرهم { قُرَنَاءَ } من الشياطين بمنزلة الإخلاء لهم جمع قرين بمعنى نظير كقوله { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } وقال الزجاج سببنا لهم قرناء حتى أضلوهم وقيل سلطنا عليهم قرناء وقيل قدرنا والمعاني متقاربة أي يلازمونهم ويستولون عليهم استيلاء القيض على البيض والقيض قشر البيض الأعلى وقيل إن الله قيض لهم قرناء في النار والأولى أن ذلك في الدنيا لقوله :

{ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } فإن المعنى زينوا لهم ما بين أيديهم من أمور الدنيا وشهواتها وحملوهم على الوقوع في معاصي الله بانهماكهم فيها وزينوا لهم ما خلفهم من أمور الآخرة فقالوا لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار وقال الزجاج ما بين أيديهم ما عملوه وما خلفهم ما عزموا على أن يعملوه وروي عنه أيضا أنه قال ما بين أيديهم من أمر الآخرة وما خلفهم من أمر الدنيا بأن الدنيا قديمة ولا صانع إلا الطبائع والأفلاك .

{ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ } أي وجب وثبت عليهم العذاب وتحقق مقتضاه وهو قوله سبحانه { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } { فِي أُمَمٍ } أي كائنين في جملة أمم وقيل في بمعنى مع أي مع أمم من الأمم الكافرة ولا حاجة إلى بدل حرف من حرف مع إمكان بقائه على بابه والمعنى الأمم التي { قَدْ خَلَتْ } ومضت { مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ } على الكفر { إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ } تعليل لاستحقاقهم العذاب قاله الكرخي .