تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

الآية 25 وقوله تعالى : { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ } كقوله تعالى : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا } الآية [ الزخرف : 36 ] ثم اختلف في قوله : { وقيّضنا لهم قُرناء } : قال بعضهم : هيّأنا لهم في الدنيا قرناء من الشياطين وغيرهم . وقال بعضهم : أي مكّنا للشياطين حتى يقذفوا في قلوبهم من الوساوس وغيرها ، أو كلام نحوه . وقال بعضهم : أي خلّينا بينهم وبين الشياطين يعملون{[18482]} بهم ما ذكر .

وقوله تعالى : { فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } اختلف في قوله : { ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } أي حسّنوا لهم التكذيب بالآخرة والحساب والثواب والعقاب ، أي ألبسوا{[18483]} ذلك .

وقوله تعالى : { وما خلفهم } أي حسّنوا لهم أمر الدنيا وأنها دائمة باقية .

وقيل : { ما بين أيديهم } أي ما يريدون أن يعملوا من بعد .

وقيل{[18484]} : { ما بين أيديهم } ما عملوا بأنفسهم { وما خلفهم } ما سنّوا لغيرهم من بعدهم كقوله تعالى : { علمت نفس ما قدّمت وأخّرت } [ الانفطار : 5 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ } يحتمل : وجب عليهم القول بالعذاب والسخط .

وقوله تعالى : { فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ } أي مع أمم ، وذلك جائز .

وقوله تعالى : { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي من هؤلاء { من الجن والإنس } من الأمم الخالية { إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ } .


[18482]:في الأصل: يعلموا، في م: علموا.
[18483]:في الأصل وم: ليس.
[18484]:في الأصل وم: والثالث.