الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

قوله تعالى : { وقيضنا لهم قرناء } – إلى قوله – { من غفور رحيم }[ 24-31 ] .

أي : ونصبنا لهم نظراء من الشياطين فجعلناهم لهم قرناء يزينون لهم قبائح أعمالهم .

قال ابن عباس : القرناء هنا : الشياطين{[60316]} .

وحقيقة قيضنا سببنا لهم من حيث لم يحتسبوا .

وقوله : { فزينوا لهم ما بين أيديهم }{[60317]} .

يعني{[60318]} : من أمر الدنيا فحسنوا ذلك ، وحببوه لهم حتى آثروه على أمر{[60319]} الآخرة .

وقوله : { وما خلفهم } قال مجاهد : حسنوا لهم أيضا ما بعد مماتهم فدعوهم إلى التكذيب بالمعاد ، وأنه لا ثواب ولا عقاب ، وهو أيضا قول السدي{[60320]} .

وقيل : معنى{[60321]} : { وقيضنا لهم قرناء } يعني : في النار فزينوا لهم أعمالهم في الدنيا{[60322]} .

والمعنى : قدرنا عليهم ذلك أنه سيكون وحكمنا به عليهم .

وقيل : المعنى : أخرجناهم إلى الاقتران{[60323]} فأحوجنا{[60324]} الغني إلى الفقير ليستعين{[60325]} به ، وأحوجنا الفقير إلى الغني لينال منه ، فحاجة بعضهم إلى بعض تقيض من الله عز وجل لهم ليتعاونوا على طاعته{[60326]} فزين بعضهم لبعض المعاصي{[60327]} .

قال ابن عباس : ما بين أيديهم هو{[60328]} تكذيبهم بالآخرة والجزاء والجنة والنار ، وما خلفهم : الترغيب في الدنيا والتسويف بالمعاصي{[60329]} وقيل : المعنى إنهم زينوا لهم مثل ما تقدم لهم{[60330]} من المعاصي فهو ما بين أيديهم ، وما خلفهم : ما يعمل بعدهم أو بحضرتهم{[60331]} .

وقيل : ما بين أيديهم : ما هم فيه ، وما خلفهم : ما عزموا أن يعملوه{[60332]} .

ثم قال تعالى : { وحق عليهم القول } أي : وجب{[60333]} لهم العذاب بكفرهم وقبولهم ما زين لهم قرناؤهم من الشياطين .

وقوله : { في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس } معناه : ووجب عليهم القول في أمم قد مضت قبلهم{[60334]} .

( أي ووجب عليهم من العذاب مثل ما وجب على أمم مضت قبلهم ) من الجن والإنس لكفرهم{[60335]} وعملهم مثل عملهم{[60336]} .

وقيل : ( في ) هنا ، بمعنى : ( مع ){[60337]} .

فالمعنى : ووجب عليهم العذاب بكفرهم مع أمم مضت قبلهم بكفرهم أيضا ، أي : هم داخلون فيما دخل فيه من قبلهم من الأمم الكافرة . { إنهم كانوا خاسرين } ، أي : مغبونين ببيعهم رضاء الله عز وجل بسخطه{[60338]} ، ورحمته بعذابه{[60339]} .


[60316]:انظر: إعراب النحاس 4/58 ونسب الطبري هذا القول في جامع البيان إلى مجاهد 24/71.
[60317]:(ت): أيديهم وما خلفهم.
[60318]:(ت): قال مجاهد: ما بين أيديهم يعني: (وهو غير موجود في تفسير مجاهد 2/570.
[60319]:في طرة (ت).
[60320]:جاء هذا القول في جامع القرطبي عن مجاهد فقط 15/354. ولم أقف عليه في تفسير مجاهد 2/570.
[60321]:في طرة (ت).
[60322]:انظر: إعراب النحاس 4/58.
[60323]:(ح): الاقتدار.
[60324]:(ت): وأحوجنا.
[60325]:(ت): يستعين.
[60326]:(ت): طاعته جلت عظمته.
[60327]:انظر: إعراب النحاس 4/58.
[60328]:(ت): (من).
[60329]:انظر: إعراب النحاس 4/58.
[60330]:ساقط من (ح).
[60331]:انظر: إعراب النحاس 4/58.
[60332]:انظر: إعراب النحاس 4/58. وقاله الزجاج في معانيه 4/384.
[60333]:(ت): ووجب.
[60334]:ساقط من (ح).
[60335]:(ت): بكفرهم.
[60336]:(ت): وعملكم.
[60337]:(ح): بمعنى مع هنا.
[60338]:انظر: إعراب النحاس 4/58، والمحرر الوجيز 14/179.
[60339]:(ح): بسخطه سبحانه.