معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ يُعۡرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمۡ وَيَقُولُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ أَلَا لَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (18)

{ ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً } ، فزعم أن له ولداً أو شريكاً ، أي : لا أحد أظلم منه ، { أولئك } ، يعني : الكاذبين والمكذبين ، " يعرضون على ربهم " ، فيسألهم عن أعمالهم . { ويقول الأشهاد } ، يعني : الملائكة الذين كانوا يحفظون أعمالهم ، قاله مجاهد . وعن ابن عباس رضي الله عنهما . إنهم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، وهو قول الضحاك . وقال قتادة : الخلائق كلهم . روينا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : نعم أي رب ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته " ، وأما الكفار والمنافقون فينادي بهم على رؤوس الخلائق . { هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين* } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ يُعۡرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمۡ وَيَقُولُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ أَلَا لَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (18)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلََئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىَ رَبّهِمْ وَيَقُولُ الأشْهَادُ هََؤُلآءِ الّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىَ رَبّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وأيّ الناس أشدّ تعذيبا ممن اختلق على الله كذبا فكذب عليه ، أولئك يُعْرضون على ربهم ، ويقول الأشهاد : هؤلاء الذين يكذِبون على ربهم يعرَضون يوم القيامة على ربهم ، فيسألهم عما كانوا في دار الدنيا يعملون . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ومَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا قال : الكافر والمنافق أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ فيسألهم عن أعمالهم .

وقوله : وَيَقُولُ الأشْهادُ يعني الملائكة والأنبياء الذين شهدوهم وحفظوا عليهم ما كانوا يعملون ، وهم جمع شاهد مثل الأصحاب الذي هو جمع صاحب هَؤُلاءِ الّذِينَ كَذَبُوا على رَبّهِمْ يقول : شهد هؤلاء الأشهاد في الاَخرة على هؤلاء المفترين على الله في الدنيا ، فيقولون : هؤلاء الذين كذبوا في الدنيا على ربهم . يقول الله : ألاَ لَعْنَةُ اللّهِ على الظّالِمِينَ يقول : ألا غضب الله على المعتدين الذي كفروا بربهم .

وبنحو ما قلنا في قوله وَيَقُولُ الأشْهادُ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا نمير بن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَيَقُولُ الأشْهادُ قال : الملائكة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الملائكة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَيَقُولُ الأشْهادُ والأشهاد : الملائكة ، يشهدون على بني آدم بأعمالهم .

حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : الأشْهاد قال : الخلائق ، أو قال : الملائكة .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، بنحوه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : وَيَقُولُ الأشْهادُ الذين كان يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا هَؤُلاءِ الّذِينَ كَذَبُوا على رَبّهِمْ حفظوه وشهدوا به عليهم يوم القيامة . قال ابن جريج : قال مجاهد : الأشهاد : الملائكة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، قال : سألت الأعمش ، عن قوله : وَيَقُولُ الأشْهادُ قال : الملائكة .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَيَقُولُ الأشْهادُ يعني الأنبياء والرسل ، وهو قوله : وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلّ أُمّةٍ شَهِيدا عَلَيْهِمْ مِنْ أنْفُسِهِمْ وَجِئنا بِكَ شَهِيدا على هَؤُلاءِ . قال : وقوله : وَيَقُولُ الأشْهادُ هَؤُلاءِ الّذِينَ كَذَبُوا على رَبّهِمْ يقولون : يا ربنا أتيناهم بالحقّ فكذّبوا ، فنحن نشهد عليهم أنهم كذبوا عليك يا ربنا .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن سعيد وهشام ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز المازني ، قال : بينا نحن بالبيت مع عبد الله بن عمر وهو يطوف ، إذ عرض له رجل فقال : يا ابن عمر ما سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى ؟ فقال : سمعت نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يقول : «يَدْنُو المُؤْمِنُ مِنْ رَبّهِ حتى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقَرّرُهُ بذنُوبِهِ ، فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُ كَذَا ؟ فَيَقُولُ : رَبّ أعْرِفُ . مَرّتَينِ . حتى إذَا بَلَغَ بِهِ ما شاءَ اللّهُ أنْ يَبْلُغَ ، قال : فإنّي قَدْ سَترْتُها عَلَيْكَ فِي الدّنْيا وأنا أغْفِرُها لَكَ اليَوْمَ » قالَ : «فَيُعْطَى صحِيفَةَ حَسَناتِهِ أوْ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ . وأمّا الكُفّارُ والمُنافِقُونَ ، فَيُنادَى بِهِمْ على رُءوسِ الأشْهادِ : ألا هَؤُلاءِ الّذِينَ كَذَبُوا على رَبّهِمْ ألا لَعْنَةُ اللّهِ على الظّالِمِينَ » .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز ، عن ابن عمر ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، نحوه .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : كنّا نحدّث أنه لا يخزي يومئذ أحد فيخفي خزيه على أحد ممن خلق الله أو الخلائق .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ يُعۡرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمۡ وَيَقُولُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ أَلَا لَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (18)

{ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا } كأن أسند إليه ما لم ينزله أو نفى عنه ما أنزله . { أولئك } أي الكاذبون . { ُيعرَضون على ربهم } في الموقف بأن يحبسوا وتعرض أعمالهم . { ويقول الأشهاد } من الملائكة والنبيين أو من جوارحهم ، وهو جمع شاهد كأصحاب أو شهيد كأشراف جمع شريف . { هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين } تهويل عظيم مما يحيق بهم حينئذ لظلمهم بالكذب على الله .