ثم وصف الله تعالى هؤلاء المنكرين الجاحدين بصفات كثيرة في معرض الذم . الصفة الأولى : كونهم مفترين على الله كما قال تعالى : { ومن } أي : لا أحد { أظلم ممن افترى على الله كذباً } بنسبة الشريك والولد إليه ، أو أسند إليه ما لم ينزله ، أو نفى عنه ما أنزله . الصفة الثانية : أنهم يعرضون على الله تعالى في موقف الذل والهوان كما قال تعالى : { أولئك يعرضون على ربهم } أي : يوم القيامة . فإن قيل : هم لا يختصون بهذا العرض لأنّ العرض عامّ في كل العباد كما قال تعالى : { وعرضوا على ربك صفاً } [ الكهف ، 48 ] أجيب : بأنهم يعرضون فيفتضحون بشهادة الأشهاد عليهم كما قال تعالى : { ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم } فيحصل لهم من الخزي والنكال ما لا مزيد عليه ، وهذه هي الصفة الثالثة ، واختلف في هؤلاء الأشهاد ، فقال مجاهد : هم الملائكة الذين يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ، وقال مقاتل : هم الناس كما يقال على رؤوس الأشهاد ، أي : على رؤوس الناس ، وقال قوم : هم الأنبياء كما قال تعالى : { فلنسألنّ الذين أرسل إليهم ولنسألنّ المرسلين } [ الأعراف ، 6 ] . والفائدة في اعتبار قول الأشهاد المبالغة في إظهار الفضيحة . فإن قيل : العرض على الله يقتضي أن يكون الله تعالى في حيز وهو تعالى منزه عن ذلك . أجيب : بأنهم يعرضون على الأماكن المعدّة للحساب والسؤال ، أو يكون ذلك عرضاً على من يوبخ بأمر الله تعالى من الأنبياء والمؤمنين . والأشهاد جمع شاهد كصاحب وأصحاب ، أو جمع شهيد كشريف وأشراف . قال أبو علي الفارسي : وكان هذا أرجح ؛ لأنّ ما جاء من ذلك في التنزيل جاء على فعيل كقوله تعالى : { وجئنا بك شهيداً على هؤلاء } [ النحل ، 89 ] . وعن عبد الله بن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ الله تعالى يدني المؤمن يوم القيامة فيستره من الناس فيقول : أي عبدي تعرف ذنب كذا وكذا فيقول : نعم ، حتى إذا قرّره بذنوبه قال تعالى : سترتها عليك في الدنيا وقد سترتها لك اليوم ، ثم يعطى كتاب حسناته » ، وأمّا الكافر والمنافق فتقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ولما أخبر الله تعالى عن حالهم في عقاب القيامة أخبر عن حالهم في الحال بقوله تعالى : { ألا لعنة الله على الظالمين } فبيّن تعالى أنهم في الحال ملعونون من عند الله ، وهذه هي الصفة الرابعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.