معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (17)

قوله تعالى : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له } لا رافع له .

قوله تعالى : { إلا هو وإن يمسسك بخير } ، عافية ونعمة .

قوله تعالى : { فهو على كل شيء قدير } ، من الخير والضر .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أبو عبد الله السلمي أنا أبو العباس الأصم ، أنا أحمد بن شيبان الرملي ، أنا عبد الله بن ميمون القداح ، أنا شهاب بن خراش ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ابن عباس قال : " أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة ، أهداها له كسرى فركبها بحبل من شعر ، ثم أردفني خلفه ، ثم سار بي ملياً ، ثم التفت إلي فقال : يا غلام ، فقلت : لبيك يا رسول الله ، قال : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، وقد مضى القلم بما هو كائن ، فلو جهد الخلائق أن ينفعوك بما لم يقضه الله تعالى لك لم يقدروا عليه ، ولو جهدوا أن يضروك بما لم يكتب الله تعالى عليك ، ما قدروا عليه ، فإن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل ، فإن لم تستطع فاصبر ، على ما تكره خيراً كثيراً ، وإن الفرج مع الكرب ، وإن مع العسر يسرا " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } . .

يقول تعالى ذكر لنبيه صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، إن يصبك الله بضرّ ، يقول : بشدّة وشظف في عيشك وضيق فيه ، فلن يكشف ذلك عنك إلا الله الذي أمرك أن تكون أوّل من أسلم لأمره ونهيه ، وأذعن له من أهل زمانك ، دون ما يدعوك العادلون به إلى عبادته من الأوثان والأصنام ودون كلّ شيء سواها من خلقه . وَإنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ يقول : وإن يصبك بخير : أي برخاء في عيش وسعة في الرزق وكثرة في المال فتقرّ أنه أصابك بذلك ، فَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يقول تعالى ذكره : والله الذي أصابك بذلك فهو على كل شيء قدير ، هو القادر على نفعك وضرّك ، وهو على كلّ شيء يريده قادر ، لا يعجزه شيء يريده ولا يمتنع منه شيء طلبه ، ليس كالاَلهة الذليلة المهينة التي لا تقدر على اجتلاب نفع على أنفسها ولا غيرها ولا دفع ضر عنها ولا غيرها يقول تعالى ذكره : فكيف تعبد من كان هكذا ؟ أم كيف لا تخلص العبادة ، وتقرّ لمن كان بيده الضرّ والنفع والثواب والعقاب وله القدرة الكاملة والعزّة الظاهرة ؟