تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (17)

المفردات :

وإن يمسسك : المس ؛ الإصابة . يقال : مسه السوء والكبر والعذاب والتعب أي أصابه ولحق به .

بضر : أي ببلية كمرض أو فقر .

التفسير :

17-وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير . . .

بينت الآيات السابقة أن الله سبحانه هو المتصرف في اليوم الآخر ، وبينت هذه الآية أن الله سبحانه هو المتصرف في شؤون الدنيا .

والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل من يتأتى منه الخطاب .

والمعنى وإن يصبك أيها الإنسان ضر كمرض وفقر وحزن وغير ذلك من البلايا التي يختبر الله بها عباده ، فلا يرجى لكشف هذا الضر غيره ، إذ لا راد لقضائه ولا معقب لأمره إلا ما كان من لطفه ورحمته بعبده حتى يستقبل القضاء برضا ويتحمله بصبر .

وإن يمسسك بخير كصحة وغنى وقوة وجاه فهو وحده قادر على حفظه عليك وإدامته لك ، كما قدر على إعطائك إياه ، فهو على كل شيء قدير . ومن جملة ذلك المس بالضر والخير .

والآية أصل في سلامة العقيدة وحسن اليقين ، وصدق الإيمان والثقة : بأن الله هو النافع وهو الضار فلا يجوز أن يلجأ الإنسان إلى الشفعاء والوسطاء والمتكهنة والأولياء ، بل يسأل الله تعالى وحده ويخلص في الدعاء ، ويأخذ في الأسباب التي تعين على دفع الضر وجلب الخير .

روى الترمذي وقال حديث حسن صحيح عن ابن عباس قال : ( كنت رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على بغلته فقال : يا غلام ، إني أعلمك كلمات :

احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده اتجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله تعالى لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) ( 67 ) .

ومن دعاء الرسول( اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) ( 68 ) .

وفي معنى الآية قوله تعالى : ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم . ( فاطر : 2 ) .