الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (17)

قوله تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلاَ كاشف لَهُ إِلاَّ هُوَ }[ الأنعام :17 ] .

( يَمْسَسْكَ ) : معناه يُصِبْكَ ، ويَنَلْكَ ، والضُّرُّ : بضم الضاد سوء الحَالِ في الجِسْمِ ، وغيره ، وبفتحها ضِدُّ النَّفْعِ ، ومعنى الآية : الإخْبَارُ أن الأَشْيَاءَ كلها بِيَدِ اللَّه ، إن ضَرَّ فلا كَاشِفَ لضره غَيْرُه ، وإن أصَابَ بِخَيْرٍ ، فكذلك أيضاً .

وعن ابن عَبَّاسٍ قال : كنت خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال : ( يا غُلاَمُ إنِّي أُعَلِّمَكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهِ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، وَإذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّه ، وإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، واعْلَم أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ ، لم يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه لَكَ ، وإن اجْتَمَعُوا عَلَى أن يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لم يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رفعت الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ) رويناه في الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .

وفي رواية غير الترمذي زيادة : ( احْفَظِ اللَّه تَجِدْهُ أمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إلى اللَّهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ، واعْلَمْ أن ما أَخْطَأَكَ لم يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ . . . ) . وفي آخره : ( واعلم أن النَّصْرَ مع الصَّبْرِ ، وأنّ الفَرَجَ مع الكَرْبِ ، وأن مع العُسْرِ يُسْرا ) . قال النووي : هذا حديث عَظِيمُ الموقع ، انتهى من «الحِلْيَة » .

وقرأت فرقة : { وَأَوحَي إلَيَّ هذا القُرآنّ }[ الأنعام :19 ] على بناء الفعل للفاعل ، ونصب ( القرآن ) ، وفي ( أوحى ) ضمير يَعُودُ على اللَّه تعالى .