لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (17)

{ وإن يمسسك بخير } يعني بعافية ونعمة والخير اسم جامع لكل ما ينال الإنسان من لذة وفرح وسرور ونحو ذلك { فهو على كل شيء قدير } يعني من دفع الضر وجلب الخير . وهذه الآية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمعنى : لا تتخذ ولياً سوى الله لأنه هو القادر على أن يمسك بضر وهو القادر على دفعه عنك وهو القادر على إيصال الخير إليك وأنه لا يقدر على ذلك إلا هو فاتخذه ولياً وناصراً ومعيناً . وهذا الخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم فهو عام لكل أحد والمعنى وأن يمسسك الله بضر أيها الإنسان فلا كاشف لذلك الضر إلا هو وإن يمسسك بخير أيها الإنسان فهو على كل شيء قدير من دفع الضر وإيصال الخير .

عن ابن عباس قال : " كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال لي يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " أخرجه الترمذي زاد فيه رزين " تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة وفيه " وإن استطعت أن تعمل لله بالرضا في اليقين فافعل فإن لم تستطع فاصبر فإن الصبر على ما تكره خير كثير واعلم أن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ولن يغلب عسر يسرين " قال ابن الأثير : وقد جاء نحو هذا أو مثله بطوله في مسند أحمد بن حنبل .