إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (17)

{ وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرّ } أي ببليةٍ كمرَض وفقر ونحو ذلك { فَلاَ كاشف لَهُ } أي فلا قادرَ على كشفه عنك { إِلاَّ هُوَ } وحده { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ } من صِحةٍ ونعمةٍ ونحو ذلك { فَهُوَ على كُلّ شيء قَدُيرٌ } ومن جملته ذلك ، فيقدِرُ عليه فيمسَسْك به ويحفَظْه عليك من غير أن يقدِرَ على دفعه ، أو على رفعه أحدٌ ، كقوله تعالى : { فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } [ يونس ، الآية 107 ] وحملُه على تأكيد الجوابين يأباه الفاء . روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : أُهدي للنبي صلى الله عليه وسلم بغلةٌ أهداها له كسرى ، فركِبها بحبْل من شعر ثم أردفني خلفه ثم سار بي ميلاً ، ثم التفت إلي فقال : «يا غلام » فقلت : لبيك يا رسول الله . فقال : «أحفَظِ الله يحفَظْك ، احفظ الله تجدْه أمامك ، تعرَّفْ إلى الله في الرخاء يعرِفْك في الشدة ، وإذا سألت فاسألِ الله ، وإذا استعنت فاستعنْ بالله ، فقد مضى القلمُ بما هو كائن ، فلو جَهَدَ الخلائقُ أن ينفعوك بما لم يقضِه الله لك لم يقدِروا عليه ، ولو جَهَدوا أن يضروك بما لم يكتُبِ الله عليك ما قدَروا عليه ، فإن استطعتَ أن تعملَ بالصبر مع اليقين فافعل ، فإن لم تستطِعْ فاصبر ، فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن مع الكرْب فرَجاً ، وأن مع العسر يسراً » .