{ أن اعبدوا الله واتقوه واطيعون . يغفر لكم من ذنوبكم } من صلة ، أي : يغفر لكم ذنوبكم . وقيل : يعني ما سلف من ذنوبكم إلى وقت الإيمان ، وذلك بعض ذنوبهم ، { ويؤخركم إلى أجل مسمى } أي : بما فيكم إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم ، { إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون } يقول : آمنوا قبل الموت ، تسلموا من العذاب ، فإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولا يمكنكم الإيمان .
وقوله : يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ يقول : يغفر لكم ذنوبكم .
فإن قال قائل : أَوَليست «من » دالة على البعض ؟ قيل : إن لها معنيين وموضعين ، فأما أحد الموضعين فهو الموضع الذي لا يصلح فيه غيرها . وإذا كان ذلك كذلك لم تدلّ إلا على البعض ، وذلك كقولك : اشتريت من مماليكك ، فلا يصلح في هذا الموضع غيرها ، ومعناها : البعض ، اشتريت بعض مماليكك ، ومن مماليكك مملوكا . والموضع الاَخر : هو الذي يصلح فيه مكانها عن فإذا ، صلحت مكانها «عن » دلت على الجميع ، وذلك كقولك : وجع بطني من طعام طعِمته ، فإن معنى ذلك : أوجع بطني طعام طعمته ، وتصلح مكان «من » عن ، وذلك أنك تضع موضعها «عن » ، فيصلح الكلام فتقول : وجع بطني عن طعام طعمته ، ومن طعام طعمته ، فكذلك قوله : يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ إنما هو : ويصفح لكم ، ويعفو لكم عنها وقد يحتمل أن يكون معناها يغفر لكم من ذنوبكم ما قد وعدكم العقوبة عليه . فأما ما لم يعدكم العقوبة عليه فقد تقدّم عفوه لكم عنها .
وقوله : وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أجَل مُسَمّى يقول : ويؤخّر في آجالكم فلا يهلككم بالعذاب ، لا بغَرَق ولا غيره إلى أجل مسمى يقول إلى حين كتب أنه يبقيكم إليه ، إن أنتم أطعتموه وعبدتموه ، في أمّ الكتاب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : إلى أجَل مُسَمّى قال : ما قد خطّ من الأجل ، فإذا جاء أجل الله لا يؤخّر .
وقوله : إنّ أجَلَ اللّهِ إذَا جاءَ لا يُؤَخّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يقول تعالى ذكره : إن أجل الله الذي قد كتبه على خلقه في أمّ الكتاب إذا جاء عنده لا يؤخر عن ميقاته ، فينظر بعده لو كنتم تعلمون يقول : لو علمتم أن ذلك كذلك ، لأنبتم إلى طاعة ربكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.