معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة نوح

مكية وآياتها ثمان وعشرون

{ إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه أن أنذر قومك } بأن أنذر قومك ، { من قبل أن يأتيهم عذاب أليم } المعنى : إنا أرسلناه لينذرهم بالعذاب إن لم يؤمنوا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة نوح

مقدمة وتمهيد

1- سورة " نوح " –عليه السلام- من السور المكية الخالصة ، وسميت بهذا الاسم لاشتمالها على دعوته –عليه السلام- وعلى مجادلته لقومه ، وعلى موقفهم منه ، وعلى دعائه عليهم .

وكان نزولها بعد سورة " النحل " وقبل سورة " إبراهيم " .

وعدد آياتها ثمان وعشرون آية في المصحف الكوفي . وتسع وعشرون في المصحف البصري والشامي . وثلاثون آية في المصحف المكي والمدني .

2- وهذه السورة الكريمة من أولها إلى آخرها ، تحكي لنا ما قاله نوح لقومه ، وما ردوا به عليه ، كما تحكي تضرعه إلى ربه –عز وجل- وما سلكه مع قومه في دعوته لهم إلى الحق ، تارة عن طريق الترغيب وتارة عن طريق الترهيب ، وتارة عن طريق دعوتهم إلى التأمل والتفكر في نعم الله –تعالى- عليهم ، وتارة عن طريق تذكيرهم بخلقهم .

كما تحكي أنه –عليه السلام- بعد أن مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما- دعا الله –تعالى- أن يستأصل شأفتهم . فقال : [ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا . إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ، ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا . رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ، ولا تزد الظالمين إلا تبارا ] .

قصة نوح - عليه السلام - مع قومه ، قد وردت في سور متعددة منها : سورة الأعراف ، ويونس ، وهود ، والشعراء ، والعنكبوت .

وينتهى نسب نوح - عليه السلام - إلى شيث بن آدم ، وقد ذكر نوح فى القرآن فى ثلاثة وأربعين موضعا .

وكان قوم نوح يعبدون الأصنام ، فأرسل الله - تعالى - إليهم نوحا ليدلهم على طريق الرشاد .

وقد افتتحت السورة هنا بالأسلوب المؤكد بإنَّ ، للاهتمام بالخبر ، وللاتعاظ بما اشتملت عليه القصة من هدايات وإرشادات .

وأن فى قوله { أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ } تفسيرية ، لأنها وقعت بعد أرسلنا ، والإِرسال فيه معنى القول دون حروفه ، فالجملة لا محل لها من الإعراب .

ويصح أن تكون مصدرية ، أى : بأن أنذر قومك . . والإِنذار ، هو الإخبار الذى معه تخويف .

وقوم الرجل : هم أهله وخاصته الذين يجتمعون معه فى جد واحد . وقد يقيم الرجل بين الأجانب . فيسميهم قومه على سبيل المجاز للمجاورة .

أى : إنا قد اقتضت حكمتنا أن نرسل نوحا - عليه السلام - إلى قومه ، وقلنا له : يا نوح عليك أن تنذرهم وتخوفهم من عذابنا ، وأن تدعوهم إلى إخلاص العبادة لنا ، من قبل أن ينزل بهم عذاب مؤلم ، لا طاقة لهم بدفعه ، لأن هذا العذاب من الله - تعالى - الذى لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه .

وقال - سبحانه - { أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ } ولم يقل : أن أنذر الناس ، لإِثارة حماسته فى دعوته ، لأن قوم الرجل يحرص الإِنسان على منفعتهم . . أكثر من حرصه على منفعهة غيرهم .

والآية الكريمة صريحة فى أن ما أصاب قوم نوح من عذاب أليم ، كان بسبب إصرارهم على كفرهم ، وعدم استماعهم إلى إنذاره لهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة نوح

وهي مكية .

يقول تعالى مخبرا عن نوح ، عليه السلام ، أنه أرسله إلى قومه آمرا له أن ينذرهم بأس الله قبل حلوله بهم ، فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم ؛ ولهذا قال : { أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : بين النذارة ، ظاهر الأمر واضحه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة نوح مكية وآيها تسع أو ثمان وعشرون آية .

بسم الله الرحمن الرحيم إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر أي بأن أنذر أي بالأنذار أو بأن قلنا له أنذر ويجوز أن تكون مفسرة لتضمن الإرسال معنى القول وقرىء بغير أن على إرادة القول قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم عذاب الآخرة أو الطوفان .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

بهذا الاسم سميت هذه السورة في المصاحف وكتب التفسير ، وترجمها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه بترجمة { سورة إنا أرسلنا نوحا } . ولعل ذلك كان الشائع في كلام السلف ولم يترجم لها الترمذي في جامعه .

وهي مكية بالاتفاق .

وعدت الثالثة والسبعين في ترتيب نزول السور ، نزلت بعد نزول أربعين آية من سورة النحل وقبل سورة الطور .

وعد العادون بالمدينة ومكة آيها ثلاثين آية ، وعدها أهل البصرة والشام تسعا وعشرين آية ، وعدها أهل الكوفة ثمانا وعشرين آية .

أغراضها

أعظم مقاصد السورة ضرب المثل للمشركين بقوم نوح وهم أول المشركين الذين سلط عليهم عقاب في الدنيا ، وهو أعظم عقاب أعني الطوفان . وفي ذلك تمثيل لحال النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه بحالهم .

وفيها تفصيل كثير من دعوة نوح عليه السلام إلى توحيد الله ونبذ عبادة الأصنام وإنذاره قومه بعذاب أليم واستدلاله لهم ببدائع صنع الله تعالى وتذكيرهم بيوم البعث .

وتصميم قومه على عصيانه وعلى تصلبهم في شركهم .

وتسمية الأصنام التي كانوا يعبدونها .

ودعوة نوح على قومه بالاستئصال .

وأشارت إلى الطوفان .

ودعاء نوح بالمغفرة له وللمؤمنين ، وبالتبار للكافرين كلهم .

وتخلل ذلك إدماج وعد المطيعين بسعة الأرزاق وإكثار النسل ونعيم الجنة .

افتتاح الكلام بالتوكيد للاهتمام بالخبر إذ ليس المقام لرد إنكار منكر ، ولا دفع شك عن متردد في هذا الكلام . وكثيراً ما يَفتتح بلغاء العرب أول الكلام بحرف التوكيد لهذا الغرض وربما جعلوا ( إن ) دَاخلةً على ضمير الشأن في نحو قوله تعالى : { إنه من سليمان وإِنه باسم الله الرحمان الرحيم * أن لا تعلوا علي } الآية [ النمل : 30 ، 31 ] .

وذكْر نوح عليه السلام مضى في سورة آل عمران . وتقدم أن هذا الاسم غير عربي ، وأنه غير مشتق من مادة النّوح .

و { أن أنذر قومك } إلى آخره هو مضمون ما أرسل به نوح إلى قومه ، ف { أنْ } تفسيرية لأنها وقعت بعد { أرسلنا } . وفيه معنى القول دون حروفه . ومعنى { من قِبْل أن يأتيهم عذاب أليم } أنه يخوفهم غضب الله تعالى عليهم إذ عبدوا الأصنام ولم يتقوا الله ولم يطيعوا ما جاءهم به رسوله ، فأمره الله أن ينذرهم عذاباً يأتيهم من الله ليكون إنذاره مقدّماً على حلول العذاب . وهذا يقتضي أنه أُمر بأن يعلمهم بهذا العذاب ، وأن الله وقَّته بمدة بقائهم على الشرك بعد إبلاغ نوح إليهم ما أُرسل به في مدة يقع الإِبلاغ في مثلها ، فحذف متعلّق فعل { أنذر } لدلالة ما يأتي بعده من قوله : { أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون } [ نوح : 3 ] .

وحرف { مِنْ } زائد للتوكيد ، أي قبلَ أن يأتيهم عذاب فهي قبليَّة مؤكدة وتأكيدها باعتبار تحقيق ما أضيف إليه { قبل } .

و« قوم نوح » هم الناس الذين كانوا عامرين الأرضَ يومئذٍ ، إذ لا يوجد غيرهم على الأرض كما هو ظاهر حديث الشفاعة وذلك صريح ما في التوراة .

والقوم : الجماعة من الناس الذين يجمعهم موطن واحد أو نسب واحد برجالهم ونسائهم وأطفالهم .

وإضافة ( قوم ) إلى ضمير { نوح } لأنه أرسل إليهم فلهم مزيد اختصاص به ، ولأنه واحد منهم وهم بيَن أبناءٍ لَه وأنسباءٍ فإضافتهم إلى ضميره تعريف لهم إذ لم يكن لهم اسم خاص من أسماء الأمم الواقعة من بعد .

وعُدل عن أن يقال له : أنذر الناس إلى قوله : { أنذر قومك } إلهاباً لنفس نوح ليكون شديد الحرص على ما فيه نجاتهم من العذاب ، فإن فيهم أبناءه وقرابته وأحبته ، وهم عدد تكوّن بالتوالد في بني آدم في مدة ستمائة سنة من حلول جنس الإنسان على الأرض . ولعل عددهم يوم أرسل إليهم نوح لا يتجاوز بضعة آلاف .