معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ} (4)

قوله تعالى : { وما أدراك ما القارعة . يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } الفراش الطير التي تراها تتهافت في النار ، والمبثوث : المتفرق . وقال الفراء : كغوغاء الجراد ، شبه الناس عند البعث بها لأن الخلق يموج بعضهم في بعض ، ويركب بعضهم بعضاً من الهول ، كما قال : { كأنهم جراد منتشر }( القمر- 7 ) .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ} (4)

وبعد أن بين - سبحانه - أن معرفة حقيقتها أمر عسير . . أتبع ذلك ببيان أحوال الناس وقت وقوعها فقال : { يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث } .

و " يوم " منصوب بفعل مقدر . والفراش : هو الحشرة التى تتهافت نحو النار ، وسمى بذلك ؛ لأنه يتفرش وينتشر من حولها .

والمبثوث : المنتشر المتفرق . تقول : بثثت الشيء ، إذا فرقته ، ومنه قوله - تعالى - : { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } أي : متناثرة متفرقة .

أي : تحصل القارعة يوم يكون الناس فى انتشارهم وكثرتهم واضطرابهم وإقبالهم نحو الداعي لهم نحو أرض المحشر . . كالحشرات الصغيرة المتهافتة نحو النار .

فأنت ترى أنه - سبحانه - قد شبه الناس فى هذا الوقت العصيب بالفراش المتفرق المنتشر فى كل اتجاه ، وذلك لأن الناس فى هذا اليوم يكونون فى فزع ، يجعل كل واحد منهم مشغولا بنفسه ، وفى حالة شديدة من الخوف والاضطراب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ} (4)

ثم الإجابة بما يكون فيها ، لا بماهيتها . فماهيتها فوق الإدراك والتصور كما أسلفنا :

( يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ، وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) . .

هذا هو المشهد الأول للقارعة . مشهد تطير له القلوب شعاعا ، وترجف منه الأوصال ارتجافا . ويحس السامع كأن كل شيء يتشبث به في الأرض قد طار حوله هباء !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ} (4)

{ يوم } مفعول فيه منصوب بفعل مضمر دل عليه وصف القارعة لأنه في تقدير : تَقْرع ، أو دل عليه الكلام كله فيقدر : تكون ، أو تحصل ، يوم يكون الناس كالفراش .

وجملة : { يوم يكون الناس } مع متعلقها المحذوف بيان للإِبهامين اللذين في قوله : { ما القارعة } [ القارعة : 2 ] وقوله : { وما أدراك ما القارعة } [ القارعة : 3 ] .

وليس قوله : { يوم يكون الناس } خبراً عن { القارعة } إذ ليس سياق الكلام لتعيين يوم وقوع القارعة .

والمقصود بهذا التوقيت زيادة التهويل بما أضيف إليه { يوم } من الجملتين المفيدتين أحوالاً هائلة ، إلا أن شأن التوقيت أن يكون بزمان معلوم ، وإذ قد كان هذا الحال الموقت بزمانه غير معلوم مَداه . كان التوقيت لهُ إطماعاً في تعيين وقت حصوله إذ كانوا يَسألون متى هذا الوعد ، ثم توقيته بما هو مجهول لهم إبهاماً آخر للتهويل والتحذير من مفاجأته ، وأبرز في صورة التوقيت للتشويق إلى البحث عن تقديره ، فإذا باء الباحث بالعجز عن أخذ بحيطة الاستعداد لحلوله بما ينجيه من مصائبه التي قرَعتْ به الأسماع في آي كثيرة .

فحصل في هذه الآية تهويل شديد بثمانية طرق : وهي الابتداء باسم القارعة ، المؤذن بأمر عظيم ، والاستفهام المستعمل في التهويل ، والإِظهار في مقام الإِضمار أول مرة ، والاستفهامُ عما ينْبىءُ بكنه القارعة ، وتوجيهُ الخطاب إلى غير معين ، والإِظهار في مقام الإِضمار ثاني مرة ، والتوقيتُ بزمان مجهولٍ حصوله وتعريف ذلك الوقت بأحوال مهولة .

والفَراش : فرخ الجَراد حين يخرُج من بيضه من الأرض يَركب بعضه بعضاً وهو ما في قوله تعالى : { يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر } [ القمر : 7 ] . وقد يطلق الفراش على ما يطير من الحشرات ويتساقط على النار ليْلاً وهو إطلاق آخر لا يناسب تفسيرُ لفظ الآية هنا به .

و { المبثوث } : المتفرق على وجه الأرض .