الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَوۡمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ} (4)

/خ4

قوله : { كَالْفَرَاشِ } يجوزُ أَنْ يكونَ خبراً للناقصةِ ، وأَنْ يكونَ حالاً مِنْ فاعلِ التامَّةِ ، أي : يُوْجَدُون ويُحْشَرونَ شِبْهَ الفَراشَ ، وهو طائرٌ معروفٌ . وقيل : هو الهَمَجُ من البعوضِ والجَرادِ وغيرهما ، وبه يُضْرَبُ المَثَلُ في الطَّيْشِ والهَوَجِ ، يقال : " أَطَيْشُ مِنْ فَراشة " ، وأُنْشد :

فَراشَةُ الحُلْمِ فِرْعَوْنُ العذابِ وإنْ *** يُطْلَبُ نَداه فكَلْبٌ دونَه كَلْبُ

وقال آخر :

وقد كانَ أقوامٌ رَدَدْتُ قلوبَهُمْ *** عليهم وكانوا كالفَراشِ من الجهلِ

والفَراشةُ : الماءُ القليل في الإِناءِ ، وفَراشة القُفْلِ لشَبَهها بالفَراشة . وفي تشبيه الناسِ بالفَراشِ مبالغاتٌ شتى ، منها : الطيشُ الذي يلْحَقُهم ، وانتشارُهم في الأرض ، ورُكوبُ بعضِهم بعضاً ، والكثرةُ والضَّعْفُ والذِّلَّةُ والمجيءُ مِنْ غيرِ ذَهابٍ . والقَصْدُ إلى الداعي من كل جهةٍ ، والتطايرُ إلى النار . قال جرير :

إنَّ الفرزدقَ ما عَلِمْتَ وقومَه *** مثلُ الفَراشِ غَشِيْنَ نارَ المُصْطَلي