إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَوۡمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ} (4)

ولما كانَ هذَا منبئاً عن الوعدِ الكريمِ بإعلامِها أنجزَ ذلكَ بقولِه تعالَى : { يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث } . عَلى أنَّ يومَ مرفوعٌ عَلَى أَنَّهُ خبرُ مبتدأٍ محذوفِ ، وحركتُه الفتحُ ؛ لإضافتِه إلى الفعلِ ، وإنْ كانَ مضارعاً كَما هُو رأيُ الكوفيينَ ، أيْ هيَ يومٌ يكونُ الناسُ فيهِ كالفراشِ المبثوثِ في الكثرةِ والانتشارِ والضعفِ والذلةِ والاضطرابِ والتطايرِ إلى الداعِي ، كتطايرِ الفَراشِ إلى النارِ ، أو منصوبٌ بإضمارِ " اذكُرْ " ، كأنَّه قيلَ بعدَ تفخيمِ أمرِ القارعةِ ، وتشويقِه عليه الصلاةُ والسلامُ إلى معرفتِها : اذكُرْ يومَ يكونُ الناسِ الخ ، فإنَّه يدريكَ ما هيَ ، هَذا وقد قيلَ : إنه ظرفٌ ناصبُه مضمرٌ يدلُّ عليهِ القارعةُ ، أيْ تقرعُ يومَ يكونُ الناس الخ ، وقيلَ : تقديرُه ستأتيكُم القارعةُ يومَ يكونُ الخ .