البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَوۡمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ} (4)

الفراش ، قال الفراء : هو الهمج الطائر من بعوض وغيره ، ومنه الجراد . ويقال : هو أطيش من فراشة . قال : وقد كان أقوام رددت قلوبهم عليهم ، وكانوا كالفراش من الجهل . وقيل : فراشة الحلم .

وقرأ الجمهور : { يوم } بالنصب ، وهو ظرف ، العامل فيه ، قال ابن عطية : القارعة .

فإن كان عنى بالقارعة اللفظ الأول ، فلا يجوز للفصل بين العامل ، وهو في صلة أل ، والمعمول بالخبر ؛ وكذا لو صار القارعة علماً للقيامة لا يجوز أيضاً ، وإن كان عنى اللفظ الثاني أو الثالث ، فلا يلتئم معنى الظرف معه .

وقال الزمخشري : الظرف نصب بمضمر دل عليه القارعة ، أي تقرع يوم يكون الناس .

وقال الحوفي : تأتي يوم يكون .

وقيل : اذكر يوم .

وقرأ زيد بن عليّ : يوم يكون مرفوع الميم ، أي وقتها .

{ يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } ، قال قتادة : هو الطير الذي يتساقط في النار .

وقال الفراء : غوغاء الجراد ، وهو صغيره الذي ينتشر في الأرض يركب بعضه بعضاً من الهول .

وقيل : الفراش طير دقيق يقصد النار ، ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق .

شبهوا في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والمجيء والذهاب على غير نظام ، والتطاير إلى الداعي من كل جهة حتى تدعوهم إلى ناحية المحشر ، كالفراش المتطاير إلى النار .

قال جرير :

إن الفرزدق ما علمت وقومه *** مثل الفراش عشين نار المصطلى