فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ} (4)

ثم بين سبحانه متى تكون القارعة { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } انتصاب الظرف بفعل محذوف تدل عليه القارعة ، أي تقرعهم يوم يكون إلخ ، ويجوز أن يكون منصوبا بتقدير اذكر .

وقال ابن عطية ومكي وأبو البقاء : هو منصوب بنفس القارعة ، وقيل : هو خبر مبتدأ ، وإنما نصب لإضافته إلى الفعل ، فالفتحة فتحة بناء لا فتحة إعراب ، أي هي يوم يكون إلخ . وقيل : التقدير ستأتيكم القارعة يوم يكون إلخ .

وقرأ زيد بن علي برفع على الخبرية للمبتدأ المقدر .

والفراش الطير الذي تراه يتساقط في النار والسراج ، الواحدة فراشة ، كذا قال أبو عبيدة وغيره .

قال الفراء : الفراش هو الطائر من بعوض وغيره ، ومنه الجراد . قال : وبه يضرب المثل في الطيش والهوج ، يقال : أطيش من فراشة .

والمراد بالمبثوث المتفرق المنتشر ، يقال بثه إذا فرقه . ومثل هذا قوله سبحانه في آية أخرى { كأنهم جراد منتشر } .

وقال : المبثوث ولم يقل مبثوثة ؛ لأن الكل جائز ، كما في قوله { أعجاز نخل منقعر } ، { أعجاز نخل خاوية } ، وقد تقدم بيان وجه ذلك .

وفي تشبيه الناس بالفراش مبالغات شتى : منها الطيش الذي يلحقهم ، وإنتشارهم في الأرض ، وركوب بعضهم بعضا ، والكثرة ، والضعف ، والتذلل ، وإجابة الداعي من كل جهة ، والتطاير إلى النار .