قوله تعالى : { وامرأته } ، سارة بنت هاران بن أحور وهي ابنة عم إبراهيم . { قائمة } من وراء الستر تسمع كلامهم . وقيل : كانت قائمة تخدم الرسل ، وإبراهيم جالس معهم . { فضحكت } ، قال مجاهد وعكرمة : ضحكت أي : حاضت في الوقت ، تقول العرب : ضحكت الأرنب ، أي : حاضت والأكثرون على أن المراد منه الضحك المعروف . واختلفوا في سبب ضحكها ، قيل : ضحكت لزوال الخوف عنها وعن إبراهيم حين قالوا لا تخف . وقال السدي : لما قرب إبراهيم الطعام إليهم فلم يأكلوا خاف إبراهيم وظنهم لصوصا فقال لهم : ألا تأكلون ؟ قالوا : إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن ، قال إبراهيم : فإن له ثمنا ، قالوا وما ثمنه ؟ قال تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره ، فنظر جبريل إلى ميكائيل وقال : حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا . فلما رأى إبراهيم وسارة أيديهم لا تصل إليه ضحكت سارة ، وقالت : يا عجبا لأضيافنا إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا . وقال قتادة : ضحكت من غفلة قوم لوط وقرب العذاب منهم . وقال مقاتل و الكلبي : ضحكت من خوف إبراهيم من ثلاثة في بيته وهو فيما بين خدمه وحشمه . وقيل : ضحكت سرورا بالبشارة . وقال ابن عباس ووهب : ضحكت تعجبا من أن يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها . وعلى هذا القول تكون الآية على التقديم والتأخير ، تقديره : وأمرأته قائمة فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، فضحكت ، وقالت : يا ويلتي أألد وأنا عجوز ؟ . قوله تعالى : { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق } ، أي : من بعد إسحاق ، { يعقوب } ، أراد به والد الولد فبشرت أنها تعيش حتى ترى ولد ولدها قرأ ابن عامر وحمزة و حفص ويعقوب بنصب الباء ، أي : من وراء إسحاق يعقوب . وقيل : بإضمار فعل ، أي : ووهبنا له من وراء يعقوب . وقرأ الباقون بالرفع على حذف حرف الصفة . وقيل : ومن بعد إسحاق يحدث يعقوب ، فلما بشرت بالولد ضحكت فصكت وجهها ، أي : ضربت وجهها تعجبا .
ثم حكى - سبحانه - ما حدث بعد ذلك فقال : { وامرأته قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } .
والمراد بامرأته - كما يقول القرطبى - " سارة بنت هاران بن ناحور ، ابن شاروع ، بن أرغو ، ابن فالغ ، وهى بنت عم إبراهيم " .
وقيامها كان لأجل قضاء مصالحها ، أو لأجل خدمة الضيوف . . . أو لغير ذلك من الأمور التى تحتاجها المرأة فى بيتها .
والمراد بالضحك هنا حقيقته . أى : فضحكت سروراً وابتهاجاً بسبب زوال الخوف عن إبراهيم ، أو بسبب علمها بأن الضيوف قد أرسلهم الله لإِهلاك قوم لوط ، أو بهما معا . . .
قال الشوكانى : والضحك هنا هو الضحك المعروف الذى يكون للتعجب والسرور كما قاله الجمهور .
وقال مجاهد وعكرمة : إنه الحيض ، ومنه قول الشاعر :
وإنى لآتى العرس عند طهورها . . . وأهجرها يوماً إذا تك ضاحكا
وقد أنكر بعض اللغويين أن يكون فى كلام العرب ضحكت بمعنى ضاحت .
أى : وفى أعقاب قول الملائكة لإِبراهيم لا تخف . . . كانت امرأته قائمة لقضاء بعض حاجاتها ، فلما سمعت ذلك " ضحكت " سروراً وفرحاً لزوال خوفه { فَبَشَّرْنَاهَا } عقب ذلك بمولودها { إسحاق } كما بشرناها بأن إسحاق سيكون من نسله { يعقوب } ، فهى بشارة مضاعفة . إذ أنها تحمل فى طياتها أنها ستعيش حتى ترى ابن ابنها . . .
وإبراهيم يدرك ما وراء إرسال الملائكة إلى قوم لوط ! ولكن حدث في هذه اللحظة ما غير مجرى الحديث :
وربما كان ضحكها ابتهاجا بهلاك القوم الملوثين :
( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) . .
وكانت عقيما لم تلد وقد أصبحت عجوزا . ففاجأتها البشرى بإسحاق . وهي بشرى مضاعفة بأن سيكون لإسحاق عقب من بعده هو يعقوب . والمرأة - وبخاصة العقيم - يهتز كيانها كله لمثل هذه البشرى ، والمفاجأة بها تهزها وتربكها :
ثم خرجت الآية إلى ذكر المرأة وبشارتها فقالت فرقة : معناه : { قائمة } خلف ستر تسمع محاورة إبراهيم مع أضيافه ، وقالت فرقة : معناه { قائمة } في صلاة ، وقال السد معناه { قائمة } تخدم القوم ، وفي قراءة ابن مسعود : «وهي قائمة وهو جالس » . وقوله { فضحكت } قال مجاهد : معناه : حاضت ، وأنشد على ذلك اللغويون :
وضحك الأرانب فوق الصفا*** كمثل دم الجوق يوم اللقاء{[6429]}
وهذا القول ضعيف قليل التمكن ، وقد أنكر بعض اللغويين أن يكون في كلام العرب ضحكت بمعنى : حاضت وقرره بعضهم ، ويقال ضحك إذا امتلأ وفاض : ورد الزجّاج قول مجاهد ، وقال الجمهور : هو الضحك المعروف ، واختلف مم ضحكت ؟ فقالت فرقة : ضحكت من تأمينهم لإبراهيم بقولهم : { لا تخف } . وقال قتادة : ضحكت هزؤاً من قوم لوط أن يكونوا على غفلة وقد نفذ من أمر الله تعالى فيهم ما نفذ .
وقال وهب بن منبه : ضحكت من البشارة بإسحاق ، وقال : هذا مقدم بمعنى التأخير ، وقال محمد بن قيس : ضحكت لظنها بهم أنهم يريدون عمل قوم لوط ؛ قال القاضي : وهذا قول خطأ لا ينبغي أن يلتفت إليه ، وقد حكاه الطبري ، وإنما ذكرته لمعنى التنبيه على فساده ، وقالت فرقة : ضحكت من فزع إبراهيم من ثلاثة وهي تعهده يغلب الأربعين من الرجال ، وقيل : المائة .
وقال السدي : ضحكت من أن تكون هي تخدم وإبراهيم يحفد ويسعى والأضياف لا يأكلون . وقيل : ضحكت سروراً بصدق ظنها ، لأنها كانت تقول لإبراهيم ، إنه لا بد أن ينزل العذاب بقوم لوط ، وروي أن الملائكة مسحت العجل فقام حياً فضحكت لذلك .
وقرأ محمد بن زياد الأعرابي : «فضحَكت » بفتح الحاء .
وامرأة إبراهيم هذه هي سارة بنت هارون بن ناحور ، وهو إبراهيم بن آزر بن ناحور فهي ابنة عمه ، وقيل : هي أخت لوط .
قال القاضي أبو محمد : وما أظن ذلك إلا أخوة القرابة لأن إبراهيم هو عم لوط فيما روي : وذكر الطبري أن إبراهيم لما قدم العجل قالوا له : إنَّا لا نأكل طعاماً إلا بثمن ، فقال لهم : ثمنه أن تذكروا الله تعالى عليه في أول ، وتحمدوه في آخر ، فقال جبريل لأصحابه : بحق اتخذ الله هذا خليلاً .
وقوله : { فبشرناها } أضاف فعل الملائكة إلى ضمير اسم الله تعالى إذ كان بأمره ووحيه ، وبشر الملائكة سارة { بإسحاق } وبأن إسحاق سيلد يعقوب ، ويسمى ولد الولد الولد من الوراء ، وهو قريب من معنى وراء في الظروف إذ هو ما يكون خلف الشيء وبعده ؛ ورأى ابن عباس رجلاً معه شاب ، فقال له : من هذا ؟ فقال له : ولد ولدي ، فقال : هو ولدك من الوراء ، فغضب الرجل ، فذكر له ابن عباس الآية .
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي «يعقوبُ » بالرفع على الابتداء والخبر المقدم ، وهو على هذا دخل في البشرى ، وقالت فرقة : رفعه على القطع بمعنى : ومن وراء إسحاق يحدث يعقوب ، وعلى هذا لا يدخل في البشارة وقرأ ابن عامر وحمزة «يعقوبَ » بالنصب واختلف عن عاصم ، فمنهم من جعله معطوفاً على { إسحاق } إلا أنه لم ينصرف ، واستسهل هذا القائل أن فرق بين حرف العطف والمعطوف بالمجرور ، وسيبويه لا يجيز هذا إلا على إعادة حرف الجر ، وهو كما تقول : مررت بزيد اليوم وأمس عمرو ، فالوجه عنده : وأمس بعمرو ، وإذا لم يعد ففيه كبير قبيح ، والوجه في نصبه أن ينتصب بفعل مضمر ، تدل عليه البشارة وتقديره : ومن وراء إسحاق وهبنا يعقوب ، هذا رجح أبو علي .
قال القاضي أبو محمد : وروي أن سارة كانت في وقت هذه البشارة بنت تسع وتسعين سنة ، وإبراهيم ابن مائة سنة .
وهذه الآية تدل على أن الذبيح هو إسماعيل وأنه أسن من إسحاق وذلك أن سارة كانت في وقت إخدام الملك الجائر هاجر أم إسماعيل امرأة شابة جميلة حسبما في الحديث ، فاتخذها إبراهيم عليه السلام أم ولد ، فغارت بها سارة ، فخرج بها وبابنها إسماعيل من الشام على البراق وجاء من يومه مكة فتركهما - حسبما في السير - وانصرف إلى الشام من يومه ثم كانت البشارة بإسحاق ، وسارة عجوز متجالة{[6430]} ، وأما وجه دلالة الآية على أن إسحاق ليس بالذبيح فهو أن سارة وإبراهيم بشرا بإسحاق وأنه يولد له يعقوب ، ثم أمر بالذبح حين بلغ ابنه معه السعي ، فكيف يؤمر بذبح ولد قد بشر قبل أنه سيولد لابنه ذلك ، وأيضاً فلم يقع قط في أثر أن إسحاق دخل الحجاز وإجماع أن أمر الذبح كان بمنى ، ويؤيد هذا الغرض قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«أنا ابن الذبيحين »{[6431]} يريد أباه عبد الله وأباه إسماعيل ، ويؤيده ما نزع به مالك رحمه الله من الاحتجاج برتبة سورة الصافات فإنه بعد كمال أمر الذبيح قال : { وبشرناه بإسحاق نبيّاً من الصالحين }{[6432]} .
قال القاضي أبو محمد : وفي هذا كله موضع معارضات لقائل القول الآخر : إن الذبيح هو إسحاق ، ولكن هذا الذي ذكرناه هو الأرجح والله أعلم .
جملة { وامرأته قائمة فضحكت } في موضع الحال من ضمير { أوجس } ، لأنّ امرأة إبراهيم عليه السّلام كانت حاضرة تقدّم الطّعام إليهم ، فإن عادتهم كعادة العرب من بعدهم أنّ ربة المنزل تكون خادمة القوم . وفي الحديث « والعروس خادمهم » وقال مرّة بن محكان التميمي :
يا ربّة البيت قومي غير صاغرة *** ضُمّي إليك رجال القوم والغربا
وقد اختصرت القصة هنا اختصاراً بديعاً لوقوعها في خلال الحوار بين الرسل وإبراهيم عليهم السّلام ، وحكاية ذلك الحوار اقتضت إتمامه بحكاية قولهم : { لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوط } .
وأمّا البشرى فقد حصلت قبل أن يخبروه بأنّهم أرسلوا إلى قوم لوط كما في آية سورة [ الذاريات : 28 ] { فأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخَف وبشّروه بغلامٍ عليمٍ } . فلمّا اقتضى ترتيب المحاورة تقديم جملة { قالوا لا تخف } حكيت قصة البشرى وما تبعها من المحاورة بطريقة الحال ، لأنّ الحال تصلح للقبْليّة وللمقارنَة وللبعدية ، وهي الحال المقدّرة .
وإنّما ضحكت امرأة إبراهيم عليه السّلام من تبشير الملائكة إبراهيم عليه السّلام بغلام ، وكان ضحكها ضحك تعجّب واستبعاد . وقد وقع في التّوراة في الإصحاح الثامن عشر من سفر التكوين « وقالوا له : أين سارة امرأتك ؟ فقال : ها هي في الخيمة . فقالوا : يكون لسارة امرأتك ابن ، وكانت سارة سامعة في باب الخيمة فضحكت سارة في باطنها قائلة : أفبالحقيقة ألِدُ وأنا قد شِخت ؟ فقال الربّ : لماذا ضحكتْ سارة ؟ فأنكرت سارة قائلة لم أضحك ، لأنّها خافت ، قال : لا بل ضحكت » .
وتفريع { فبشّرناها بإسحاق } على جملة { ضحكت } باعتبار المعطوف وهو { ومن وراء إسحاق يعقوب } لأنّها ما ضحكت إلاّ بعد أن بشّرها الملائكة بابن ، فلمّا تعجبت من ذلك بشّروها بابن الابن زيادة في البشرى . والتّعجيب بأن يولد لها ابن ويعيش وتعيش هي حتّى يولد لابنها ابن . وذلك أدخل في العجب لأن شأن أبناء الشيوخ أن يكونوا مهزولين لا يعيشون غالباً إلاّ معلولين ، ولا يولد لهم في الأكثر ولأن شأن الشيوخ الذين يولد لهم أن لا يدركوا يفع أولادهم بله أولاد أولادهم .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"وَامْرأتُهُ قائمَةٌ" قيل: كانت قائمة من وراء الستر تستمع كلام الرسل وكلام إبراهيم عليه السلام. وقيل: كانت قائمة تخدم الرسل وإبراهيم جالس مع الرسل.
"فَضَحِكَتْ "اختلف أهل التأويل في معنى قوله "فَضَحِكَتْ" وفي السبب الذي من أجله ضحكت؛
فقال بعضهم: ضحكت الضحك المعروف تعجبا من أنها وزوجها إبراهيم يخدمان ضيفانهم بأنفسهما تكرمة لهم، وهم عن طعامهم ممسكون لا يأكلون...
وقال آخرون: بل ضحكت من أن قوم لوط في غفلة وقد جاءت رسل الله لهلاكهم...
وقال آخرون: بل ضحكت لِمَا رأت بزوجها إبراهيم من الرّوع...
وقال آخرون: بل ضحكت حين بشرت بإسحاق تعجبا من أن يكون لها ولد على كِبَر سنها وسنّ زوجها...
وقد قال بعض من كان يتأوّل هذا التأويل: إن هذا من المقدّم الذي معناه التأخير، وكأن معنى الكلام عنده: وامرأته قائمة، فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، فضحكت وقالت: "يا ويلتا أألد وأنا عجوز"...
وقال آخرون: بل معنى قوله: «فضحكت» في هذا الموضع: فحاضت...
وأولى الأقوال التي ذكرت في ذلك بالصواب قول من قال: معنى قوله: «فضحكت»: فعجبت من غفلة قوم لوط عما قد أحاط بهم من عذاب الله وغفلته عنه. وإنما قُلْنا هذا القول أولى بالصواب لأنه ذكر عقيب قولهم لإبراهيم: لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط. فإذْ كان ذلك كذلك، وكان لا وجه للضحك والتعجب من قولهم لإبراهيم: لا تخف، كان الضحك والتعجب إنما هو من أمر قوم لوط...
"فَبَشّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ" يقول تعالى ذكره: فبشّرنا سارة امرأة إبراهيم ثوابا منا لها على نكيرها وعجبها من فعل قوم لوط بإسحاق ولدا لها. "ومِنْ وَرَاءِ إسْحَاقَ يَعْقُوبَ" يقول: ومن خلف إسحاق يعقوب من ابنها إسحاق. والوراء في كلام العرب: ولد الولد، وكذلك تأوّله أهل التأويل...
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
عجلوا لها البشرى بالولدين مظاهرة للنعمة ومبالغة في التعجب، فاحتمل أن يكون البشارة بهما باسميهما فيكون الله تعالى هو المسمي لهما، واحتمل أن تكون البشارة بهما وسماها أبوهما. فإن قيل: فلم خصت سارة بالبشرى من دون إبراهيم؟ قيل عن هذا ثلاثة أجوبة: أحدها: أنها لما اختصت بالضحك خصت بالبشرى. الثاني: أنهم كافؤوها بالبشرى مقابلة على استعظام خدمتها. الثالث: لأن النساء في البشرى بالولد أعظم سروراً وأكثر فرحاً...
لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 741 هـ :
{فضحكت} أصل الضحك انبساط الوجه من سرور يحصل للنفس ولظهور الأسنان عنده سميت مقدمات الأسنان الضواحك ويستعمل في السرور المجرد وفي التعجب المجرد أيضاً...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{وامرأته قائمة فضحكت} وكانت امرأة إبراهيم في تلك الحالة قائمة أي واقفة-ولعل قيامها كان للخدمة- فضحكت قيل تعجبا مما رأت وسمعت، وقيل سرورا بالأمن من الخوف أو بقرب عذاب قوم لوط لكراهتها لسيرتهم الخبيثة، وقيل تعجبا من البشارة بالولد وهذا يكون أولى إن كانت البشارة قبل الضحك، والظاهر أنها بعده لعطفها عليه بالفاء وهو {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} وزعم الفراء أن فيه تقديما أو تأخيرا، ولا مقتضى ولا مسوغ له، لضحكها أسبابا ذكرنا بعضها وزاد غيرنا عليها، على أن بشارتها كانت بالتبع لبشارة بعلها وهو المقصود بالذات وصرح به في سور الحجر والصافات والذاريات خاصا به، أي بشرناها بالتبع لتبشيره بإسحاق، ومن بعد إسحاق يعقوب يعني أنه سيكون لإسحاق ولد أيضا...