{ وَامْرأَتُهُ قائمة فَضَحِكَتْ } وفي قيامها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها كانت قائمة من وراء الستر تسمع كلامهم ، قاله وهب .
الثاني : أنها كانت قائمة تخدمهم ، قاله مجاهد .
الثالث : أنها كانت قائمة تُصَلّي ، قاله محمد بن إسحاق . { فَضَحِكَتْ } فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : يعني حاضت ، قاله مجاهد والعرب تقول ضحكت المرأة إذا حاضت ، والضحك الحيض في كلامهم ، قال الشاعر :
وضحك الأرانب فوق الصفا *** كمثل دم الخوف يوم اللّقاء{[1371]}
والثاني : أن معنى ضحكت : تعجبت ، وقد يسمى التعجب ضحكاً لحدوث الضحك عنه ، ومنه قول أبي ذؤيب .
فجاء بمزجٍ لم ير الناس مثله *** هو الضحك{[1372]} إلاّ أنه عمل النحل
الثالث : أنه الضحك المعروف في الوجه ، وهو قول الجمهور .
فإن حمل تأويله على الحيض ففي سبب حيضها وجهان : أحدهما : أنه وافق وقت عادتها فخافت ظهور دمها وأرادت شداده فتحيرت مع حضور الرسل .
والقول الثاني : ذعرت وخافت فتعجل حيضها قبل وقته ، وقد تتغير عادة الحيض باختلاف الأحوال وتغير الطباع .
ويحتمل قولاً ثالثاً : أن يكون الحيض بشيراً بالولادة لأن من لم تحض لا تلد .
وإن حمل تأويله على التعجب ففيما تعجب منه أربعة أقاويل :
أحدها : أنها تعجبت من أنها وزوجها يخدمان الأضياف تكرمة لهم وهم لا يأكلون ، قاله السدي .
الثاني : تعجبت من أن قوم لوط قد أتاهم العذاب وهم غافلون ، قاله قتادة .
الثالث : أنها عجبت من أن يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها ، قاله وهب بن منبه .
الرابع : أنها تعجبت من إحياء العجل الحنيذ لأن جبريل عليه السلام مسحه بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمه وأم العجل في الدار ، قاله عون بن أبي شداد .
وإن حمل تأويله على ضحك الوجه ففيما ضحكت منه أربعة أقاويل :
أحدها : ضحكت سروراً بالسلامة .
الثاني : سروراً بالولد . الثالث : لما رأت ما بزوجها من الورع ، قاله الكلبي .
الرابع : أنها ضحكت ظناً بأن الرسل يعملون عمل قوم لوط ، قاله محمد بن عيسى .
{ فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } وفي { وراء } هاهنا قولان :
أحدهما : أن الوراء ولد الولد ، قاله ابن عباس والشعبي .
الثاني : أنه بمعنى بعد ، قاله مقاتل ، وقال النابغة الذبياني :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة *** وليس وراءَ اللهِ للمرء مذهبُ
فعجلوا لها البشرى بالولدين مظاهرة للنعمة ومبالغة في التعجب ، فاحتمل أن يكون البشارة بهما باسميهما فيكون الله تعالى هو المسمى لهما ، واحتمل أن تكون البشارة بهما وسماها أبوهما .
فإن قيل : فلم خصت سارة بالبشرى من دون إبراهيم ؟ قيل عن هذا ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنها لما اختصت بالضحك خصت بالبشرى .
الثاني : أنهم كافؤوها بالبشرى مقابلة على استعظام خدمتها .
الثالث : لأن النساء في البشرى بالولد أعظم سروراً وأكثر فرحاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.