{ وامرأته قائمة } : أي : ( من وراء الستر ) {[32779]} . وفي قراءة ابن مسعود : ( وامرأته قائمة ، وهو قاعد {[32780]} .
وقيل : إنها كانت {[32781]} قائمة ، تخدم الرسل ، وإبراهيم جالس مع الرسل {[32782]} .
وقوله : { فضحكت } قيل {[32783]} : إنها {[32784]} ضحكت من أمرها أنها تخدم ، وضيافها لا يمسون الطعام .
قال السدي : قال إبراهيم للرسل ، صلوات الله عليهم {[32785]} : ألا تأكلون ؟ قالوا : يا إبراهيم ! إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن . قال لهم : فإن لهذا ثمنا ! قالوا : وما هو ؟ قال : تذكرون {[32786]} اسم الله على أوله ، وتحمدونه على آخره . فنظر جبريل إلى ميكائيل ، عليهما السلام ، فقال : حق {[32787]} لهذا أن يتخذه {[32788]} ربه خليلا . فلما لم يأكلوا ، قالت سارة ، امرأة إبراهيم : عجبا لأضيافنا {[32789]} هؤلاء ، إنا لنخدمهم بأنفسنا ، تكرمة لهم ، وهم لا يأكلون ! {[32790]} ، وضحكت تعجبا .
وقيل : ضحكت من أن قوم لوط في غفلة ، وقد جاءت رسل {[32791]} الله عز وجل ، بهلاكهم {[32792]} . فكان ضحكها تعجبا لغفلة {[32793]} قوم لوط ، عما أتاهم من العذاب ، وهو {[32794]} قول قتادة {[32795]} .
وقيل : إنها ضحكت لما رأته من زوجها إبراهيم عليه السلام {[32796]} ، من الروع تعجبا ، وهو قول الكلبي {[32797]} .
وقال {[32798]} وهب بن منبه {[32799]} : ضحكت لما بشرت بإسحاق {[32800]} ، وهي كبيرة ، فضحكت تعجبا من أن يكون لها ولد على كبر سنها . ويكون في الكلام تقديم وتأخير ، وهو بعيد مع الفاء ، ولا يحسن الوقف على هذا المعنى ، على ( ضحكت ) {[32801]} .
وقال مجاهد : معنى {[32802]} : ضحكت {[32803]} : ساغت ، وكانت ابنة {[32804]} تسعين سنة {[32805]} . وقيل : بل زادت على التسعين ، وكان إبراهيم عليه السلام ابن مائة سنة {[32806]} .
وذكر بعض البصريين أن بعض أهل الحجاز حكى عن العرب : ( ضحكت المرأة ) بمعنى : حاضت {[32807]} .
وقال الضحاك : الضحك : الحيض ، ويقال : ضحكت النخلة : إذا أخرجت الطلع ، والبشر {[32808]} . وقيل : إنها إنما ضحكت ، لأن الملائكة أحيوا العجل بإذن الله عز وجل {[32809]} {[32810]} ، فضحكت تعجبا . { فبشرناها بإسحاق } . وقيل : إنها إنما ضحكت ، لأنها قالت لإبراهيم قبل مجيء الرسل : أحسب أن قوم لوط سينزل الله بهم {[32811]} عذابا . فضم لوطا إليهم ، فلما أتت الرسل بما قالت سرت به ، فضحكت {[32812]} .
وقيل : إنها إنما ضحكت من إبراهيم {[32813]} ، لأنه كان صلى الله عليه وسلم يقوم بمائة {[32814]} رجل ، فتعجبت {[32815]} من خوفه من نفر {[32816]} .
وقيل : ضحكت سرورا ، حيث قالوا : لا تخف ، لقد كانت خافت منهم {[32817]} .
وقوله : { فبشرناها بإسحاق {[32818]} ومن وراء إسحاق يعقوب }[ 71 ] : أي : من رفع ( يعقوب ) {[32819]} فعلى الابتداء {[32820]} ، { ومن وراء إسحاق } : الخبر ، والجملة في موضع الحال . أي : بشرناها بإسحاق ، مقابلا {[32821]} له يعقوب {[32822]} . وهو داخل في البشارة ، فلا يوقف {[32823]} على إسحاق على هذه المعنى {[32824]} . ويجوز أن يرتفع بفعل دل {[32825]} عليه الكلام ، / والمعنى : ومن وراء إسحاق يحدث يعقوب ، فلا يكون داخلا في البشارة {[32826]} ، فيجوز الوقف على إسحاق {[32827]} .
وقيل : المعنى : وثبت {[32828]} لهما من وراء إسحاق يعقوب .
ومن قرأ بالفتح {[32829]} ، فهو في {[32830]} موضع خفض {[32831]} عند الكسائي ، والأخفش ، وأبي حاتم {[32832]} ، على العطف على ( إسحاق ) : يجيزون التفريق بين المجرور ، وبين ما يشركه ، فيفرقون بين حرف العطف والمعطوف {[32833]} .
ومذهب سيبويه والفراء أن يعقوب في موضع نصب {[32834]} ، على معنى : ومن وراء إسحاق وهبنا {[32835]} له يعقوب . ولا يجيزون التفريق بين المجرور ، وحرف {[32836]} العطف {[32837]} . فتقف {[32838]} على إسحاق على هذا التقدير ، ولا تقف عليه إذا قدرت العطف {[32839]} .
وقيل : معنى { ومن وراء إسحاق } : أي : ومن {[32840]} ولد إسحاق ، لأن ولد الولد : الوراء ، وهو قول ابن عباس ، والشعبي {[32841]} ، وجماعة معهما .
وفي هذا {[32842]} دليل على أن : الذبيح إسماعيل ، لأنها {[32843]} بشرت بإسحاق {[32844]} ، و {[32845]}أنها تعيش حتى يولد له ، فغير جائز أن يعلم إبراهيم أنه يعيش حتى يولد له ، ثم يؤمر بذبحه ، قبل أن يولد له . فلا يجوز أن يؤمر بذبح من أخبر أنه يعيش إلى وقت بعد ، وقت الذبح بسنين {[32846]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.