تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٞ فَضَحِكَتۡ فَبَشَّرۡنَٰهَا بِإِسۡحَٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسۡحَٰقَ يَعۡقُوبَ} (71)

وقوله تعالى : ( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ ) قال بعضهم : ( قائمة ) على رؤوس الأضياف لأنها كانت عجوزا ، ولا بأس لعجوز ذلك . ألا ترى إلى قوله تعالى : ( والقواعد من النساء ) ؟ الآية [ النور : 60 ] .

وقال بعضهم : ( قائمة ) من وراء الباب . لكن لسنا ندري أي ذلك كان ؟

وقوله تعالى : ( فضحكت ) قال بعضهم : ضحكت تعجبا من خوف إبراهيم أنهم لصوص ، وهم كانوا ثلاثة أو أربعة دون عشرة ، وكان خدم إبراهيم عليه السلام يبلغ عدده ثلاثمائة على ما ذكر في القصة : ضحت تعجبا أنه كيف يخاف من نفر ، عددهم دون عشرة ، وعنده من الخدم ما يبلغ عددهم ما ذكرنا ؟

وقال بعضهم : ضحكت أي حاضت من قولهم ؛ ضحكت الأرنب إذا حاضت ، وهو قول ابن عباس وعكرمة . وقال الفراء : ضحكت : حاضت غير مسموع ولا معروف .

فعلى تأويل من قال : إنها ضحكت تعجبا مما بشرت بالولد فهو على التقديم والتأخير ؛ كأنه قال فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، فضحكت .

وقال بعضهم : ضحكت سرورا بالأمر منهم ، وهو قوله تعالى : ( ومن وراء إسحاق يعقوب ) فضحكت . وقال بعضهم ؛ ضحكت : ظاهر هذا أنها بشرت بإسحاق ومن وراء إسحاق بأولاد[ في الأصل وم : بولاد ] يعقوب ، ولكن لم يكن يعقوب ولد من إبراهيم ، إنما ولد من إسحاق ، وهو حافد إبراهيم ، ابن إسحاق .

فتأويله : من وراء إسحاق حافد ، فإنما البشارة بالولد وبالحافد . وهو كقوله : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة )[ الأنبياء : 72 ] وقال في هذه السورة ( وامرأته قائمة فضحكت ) وقال في موضع آخر ( فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها )[ الداريات : 29 ] .

فإن كان على ما قالوا أنها كانت قائمة وراء الباب فيكون إقبالها خروجها إلى القوم . وإن كان قيامها على رؤوسهم فيكون معنى الإقبال في ضرب وجهها وصكها ، لكن ذلك [ ليس ][ ساقطة من الأصل وم ] من القدوم ، لكنه على الإقبال بفعل ما أخرعها من صك وجهها ، والله أعلم .