معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

قوله تعالى : { ولما جاء أمرنا } ، عذابنا ، { نجينا هوداً والذين آمنوا معه } ، وكانوا أربعة آلاف . { برحمة } بنعمة { منا ونجيناهم من عذاب غليظ } ، وهو الريح التي أهلك بها عادا ، وقيل : العذاب الغليظ عذاب يوم القيامة ، أي : كما نجيناهم في الدنيا من العذاب كذلك نجيناهم في الآخرة

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

لقد كان نتيجته إنجاء هود والذين آمنوا معه ، وإهلاك أعدائهم .

قال - تعالى - { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ . وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ واتبعوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ .

وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً وَيَوْمَ القيامة ألا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }

والمراد بالأمر فى قوله - سبحانه - { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } الأمر بنزول العذاب بهم .

أى : وحين جاء أمرنا بتحقيق وعيدنا فى قوم هود ، وبتنفيذ ما أردناه من إهلاكهم وتدميرهم { نَجَّيْنَا هُوداً والذين آمَنُواْ مَعَهُ } تنجية مصحوبة { برحمة } عظيمة كائنة { منا } بسبب إيمانهم وعملهم الصالح .

{ وَنَجَّيْنَاهُمْ } كذلك { مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } أى : من عذاب ضخم شديد مضاعف ترك هؤلاء الطغاة وراءه صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية .

ووصف العذاب بأنه غليظ ، بهذا التصوير المحسوس ، يتناسب كل التناس مع جو هذه القصة ، ومع ما عرف عن قوم هود من ضخامة فى الأجسام ، ومن تفاخر بالقوة ؟

قال تعالى - { فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً . . . } وكان عذابهم كما جاء فى آيات أخرى بالريح العقيم ، ومن ذلك قوله - تعالى - { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى القوم فِيهَا صرعى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

50

( ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا . ونجيناهم من عذاب غليظ )

لما جاء أمرنا بتحقيق الوعيد ، وإهلاك قوم هود ، نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة مباشرة منا ، خلصتهم من العذاب العام النازل بالقوم ، واستثنتهم من أن يصيبهم بسوء . وكانت نجاتهم من عذاب غليظ حل بالمكذبين . ووصف العذاب بأنه غليظ بهذا التصوير المجسم ، يتناسق مع الجو ، ومع القوم الغلاظ العتاة .

/خ60

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

{ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا } وهو [ ما أرسل الله عليهم من ]{[14699]} الريح العقيم [ التي لا تمر بشيء إلا جعلته كالرميم ]{[14700]} فأهلكهم الله عن آخرهم ، ونجى [ من بينهم رسولهم ]{[14701]} هودا وأتباعه [ المؤمنين ]{[14702]} من عذاب غليظ برحمته تعالى ولطفه .


[14699]:- زيادة من ت ، أ.
[14700]:- زيادة من ت ، أ.
[14701]:- زيادة من ت ، أ.
[14702]:- زيادة من ت ، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

و «الأمر » واحد الأمور ، ويحتمل أن يكون مصدر أمر يأمر ، أي أمرنا للريح أو لخزنتها ونحو ذلك ، وقوله { برحمة } ، إما أن يكون إخباراً مجرداً عن رحمة من الله لحقتهم ، وإما أن يكون قصداً إلى الإعلام أن النجاة إنما كملت بمجرد رحمة الله لا بأعماله ؛ فتكون الآية - على هذا - في معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يدخل أحد الجنة بعمله » قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمته »{[6394]} .

وقوله { ونجيناهم من عذاب غليظ } يحتمل أن يريد : عذاب الآخرة ، ويحتمل أن يريد : وكانت النجاة المتقدمة من عذاب غليظ يريد الريح ، فيكون المقصود على هذا ، تعديد النعمة ومشهور عذابهم بالريح هو أنها كانت تحملهم وتهدم مساكنهم وتنسفها وتحمل الظعينة كما هي ونحو هذا . وحكى الزجاج أنها كانت تدخل في أبدانهم وتخرج من أدبارهم وتقطعهم عضواً عضواً .


[6394]:- الحديث رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما: ونصه كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة في كتاب المرضى: (لن يدخل أحدا عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسدّدوا وقاربوا، ولا يتمنّين أحدكم الموت، إما محسنا فلعلّه أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب)- قال في "النهاية": أي يرجعُ عن الإساءة ويطلب الرضا.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

استعمال الماضي في قوله : { جاء أمرنا } بمعنى اقتراب المجيء لأن الإنجاء كان قبل حلول العذاب .

والأمر أطلق على أثر الأمر ، وهو ما أمر الله به أمرَ تكوين ، أي لمّا اقترب مجيء أثر أمرنا ، وهو العذاب ، أي الريح العظيم .

ومتعلّق { نجّينا } الأول محذوف ، أي من العذاب الدال عليه قوله : { ولما جاء أمرنا } . وكيفيّة إنجاء هود عليه السّلام ومن معه تقدّم ذكرها في تفسير سورة الأعراف .

والباء في { برحمة منّا } للسببيّة ، فكانت رحمة الله بهم سبباً في نجاتهم . والمراد بالرحمة فضل الله عليهم لأنّه لو لم يرحمهم لشملهم الاستئصال فكان نقمة للكافرين وبَلوى للمؤمنين .

وجملة { ونجّيناهم من عذاب غليظ } معطوفة على جملة { ولمّا جاء أمرنا } . والتّقدير وأيضاً نجّيناهم من عذاب شديد وهو الإنجاء من عذاب الآخرة وهو العذاب الغليظ . ففي هذا منّة ثانية على إنجاء ثان ، أي نجّيناهم من عذاب الدّنيا برحمة منّا ونجّيناهم من عذاب غليظ في الآخرة ، ولذلك عطف فعل { نجّيناهم } على { نجّينا } ، وهذان الإنجاءان يقابلان جمع العذابين لعاد في قوله : { وأُتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة } [ هود : 60 ] . وقد ذكر هنا متعلّق الإنجاء وحذف السبب عكس ما في الجملة الأولى لظهور أنّ الإنجاء من عذاب الآخرة كان بسبب الإيمان وطاعة الله كما دلّ عليه مقابلته بقوله : { وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله } [ هود : 59 ] .

والغليظ حقيقته : الخشن ضدّ الرقيق ، وهو مستعار للشّديد . واستعمل الماضي في { ونجّيناهم } في معنى المستقبل لتحقق الوعد بوقوعه .