لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

قوله سبحانه وتعالى : { ولما جاء أمرنا } يعني بإهلاكهم وعذابهم { نجينا هوداً والذين آمنوا معه } وكانوا أربعة آلاف { برحمة منا } وذلك أن العذاب إذا نزل قد يعم المؤمن والكفار فلما أنجى الله المؤمنين من ذلك العذاب كان برحمته وفضله وكرمه { ونجيناهم من عذاب غليظ } يعني الريح التي أهلكت بها عاد وذلك أن الله سبحانه وتعالى أرسل على عاد ريحاً شديدة غليظة سبع ليلا وثمانية أيام حسوماً وهي الأيام النحسات فأهلكتهم جميعاً وأنجى الله المؤمنين جميعاً فلم تضرهم شيئاً ، وقيل : المراد بالعذاب الغليظ هو عذاب الآخرة وهذا هو الصحيح ليحصل الفرق بين العذابين والمعنى أنه تعالى كما أنجاهم من عذاب الدنيا كذلك ينجيهم من عذاب الآخرة ووصف عذاب الآخرة بكونه غليظاً لأنه أعظم من عذاب الدنيا .