اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (58)

قوله : { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } أي : عذابنا ، وهو ما نزل بهم من الريحِ العقيمِ ، عذَّبهم الله بها سبع ليال ، وثمانية أيَّام ، تدخلُ في مناخرهم وتخرجُ من أدْبَارهم وتصرعهم على الأرض على وجوههم حتى صارُوا { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [ الحاقة : 7 ] .

{ نَجَّيْنَا هُوداً والذين آمَنُواْ مَعَهُ } وكانُوا أربعة آلاف " بِرَحْمَةٍ مِنَّا " بنعمة مِنَّا . وقيل : المراد بالرحمة : ما هداهُم إليه من الإيمان . وقيل : المرادُ أنَّهُ لا ينجو أحد ، وإن اجتهد في الإيمان والعمل الصالح إلاَّ برحمةٍ من الله تعالى .

ثم قال : { وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } فالمرادُ بالنَّجاةِ الأولى : هي النَّجَاةُ من عذاب الدُّنيا ، والنَّجاةُ الثانية من عذاب القيامةِ .

والمرادُ بقوله : " ونَجَّيْنَاهُم " أي : حكمنا بأنَّهُم لا يستحقون ذلك العذاب الغليظ .