معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

قوله تعالى : { أم يقولون } بل يقولون ، يعني : هؤلاء المقتسمين الخراصين ، { شاعر } أي : هو شاعر ، { نتربص به ريب المنون } حوادث الدهر وصروفه فيموت ويهلك كما هلك من قبله من الشعراء ، ويتفرق أصحابه وإن أباه مات شاباً ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه ، والمنون يكون بمعنى الدهر ، ويكون بمعنى الموت ، سميا بذلك لأنهما يقطعان الأجل .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

ثم أخذت السورة الكريمة فى تقريع هؤلاء الجاهلين بأسلوب استنكارى فيه ما فيه من التعجب من جهالاتهم . وفيه ما فيه من الرد الحكيم على أكاذيبهم ، فساقت أقاويلهم بهذا السلوب الذى تكرر فيه لفظ " أم " خمس عشرة مرة ، وكلها إلزامات ليس لهم عنها جواب . وبدأت بقوله - تعالى- : { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربصين } ، و " أم " فى هذه الآيات بمعنى بل والهمزة .

وقوله : { نَّتَرَبَّصُ } من التربص بمعنى الانتظار والترقب .

وقوله : { رَيْبَ المنون } يعنون به : حوادث الدهر التى تحدث له - صلى الله عليه وسلم - منها الموت . فالمنون : الدهر ، وريبه : حوادثه التى يصيبه بسببها الهلاك .

أى : بل أيقولون عنك - أيها الرسول الكريم - إنك شاعر ، وأنهم يترقبون موتك لكى يستريحوا منك . كما استراحوا من الشعراء الذين من قبلك ، كزهير والنابغة . . . قل لهم على سبيل التبكيت والتهديد : تربصوا وترقبوا موتى فإنى معكم من المنتظرين ، وستعلمون أينا خير مقاما وأحسن عاقبة .

قال الآلوسى : { نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون } أى : الدهر ، وهو فعول من المَنِّ بمعنى القطع ؛ لأنه يقطع الأعمال وغيرها ، ومنه حبل مَنِين أى : مقطوع ، والريب : مصدر رابه أذا أقلقه ، أريد به حوادث الدهر وصروفه ، لأنها تقلق النفوس ، وعبر عنها بالمصدر مبالغة . . . وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس ، تفسيره المنون بالموت .

روى أن قريشا اجتمعت فى دار الندوة ، وكثرت آراؤهم فيه - صلى الله عليه وسلم - حتى قال قائل منهم : تربصوا به ريب المنون ، فإنه شاعر سيهلك كما هلك زهير والنابغة والأعشى ، فافترقوا على هذه المقالة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

ثم يستنكر قولهم : إنه شاعر : ( أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ? ) . . وقد قالوها . وقال بعضهم لبعض : اصبروا عليه ، واثبتوا على ما أنتم فيه ، حتى يأتيه الموت ، فيريحنا منه ! وتواصوا أن يتربصوا به الموت المريح .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

ثم قال تعالى منكرا عليهم في قولهم في الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه : { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ } أي : قوارع الدهر . والمنون : الموت : يقولون : ننظره ونصبر عليه حتى يأتيه الموت فنستريح منه ومن شأنه ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

وقوله : أمْ يَقُولُونَ شاعِر نَتَرَبّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ يقول جلّ ثناؤه : بل يقول المشركون : يا محمد لك : هو شاعر نتربص به حوادث الدهر ، يكفيناه بموت أو حادثة متلفة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت عباراتهم عنه ، فقال بعضهم فيه كالذي قلنا . وقال بعضهم : هو الموت . ذكر من قال : عنى بقوله : رَيْبَ المَنُونِ : حوادث الدهر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : رَيْبَ المَنُون قال : حوادث الدهر .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال مجاهد رَيْبَ المَنُونِ حوادث الدهر . ذكر من قال : عنى به الموت .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : رَيْبَ المَنُونِ يقول : الموت .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : نَتَرَبَصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ قال : يتربصون به الموت .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ قال : قال ذلك قائلون من الناس تربصوا بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الموت يكفيكموه ، كما كفاكم شاعر بني فلان وشاعر بني فلان .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : رَيْبَ المَنُونِ قال : هو الموت ، نتربص به الموت ، كما مات شاعر بني فلان ، وشاعر بني فلان .

وحدثني سعيد بن يحيى الأموي ، قال : ثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أن قريشا لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم قال قائل منهم : احبسوه في وثاق ، ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك مَن قبله من الشّعراء زُهير والنابغة ، إنما هو كأحدهم ، فأنزل الله في ذلك من قولهم : أمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : نَتَرَبّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ الموت ، وقال الشاعر :

تَرَبّصْ بِها رَيْبَ المَنُونِ لَعَلّها *** سَيَهْلِكُ عَنْها بَعُلُها أو «تُسَرّحُ »

وقال آخرون : معنى ذلك : ريب الدنيا ، وقالوا : المنون : الموت . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي سنان رَيْبَ المَنُونِ قال : ريب الدنيا ، والمنون : الموت .