وقال أبو البقاء : «أم » في هذه الآيات منقطعة{[53218]} . وتقدم الخلاف في المنقطعة هل تقدر بِبَلْ وحدَها أو بِبَلْ والهمزة أو بالهمزة وحدها . والصحيحُ الثاني .
وقال مجاهد في قوله : «إنْ تَأمُرهُمْ » تقديره بَلْ تَأمُرُهُمْ . وقرأ : { بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } يدل : أم هُمْ قَوْمٌ .
قوله : «نَتَرَبَّصُ » في موضع رفع صفة ل «شَاعِرٌ » والعامة على «نَتَرَبَّص » بإسناد الفعل لجماعة المتكلمين «رَيْبَ » بالنصب .
وزيد بن علي : يُتَرَبَّصُ - بالياء من تحت - على البناء للمفعول «رَيْبُ » بالرفع{[53219]} .
و«رَيْبُ المَنُونِ » : حَوَادِثُ الدَّهْر ، وتَقَلُّبَات الزَّمان ؛ لأنها لا تدوم على حال كالريب وهو الشك فإنه لا يبقى بل هو متزلزل . قال الشاعر :
تَرَبَّصْ بِهَا رَيْبَ الْمَنُونِ لَعَلَّهَا *** تُطَلَّقُ يَوْماً أَوْ يَمُوتُ خَلِيلُهَا{[53220]}
أَمِنَ الْمَنُونَ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ *** وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ{[53221]}
والمنون في الأصل الدهر . وقال الراغب : المَنُونُ : المنيّة ؛ لأنها تَنْقُصُ العَدَدَ ، وتَقْطَعُ الْمَدَدَ . وجَعَلَ من ذلك قوله : { أجر غير ممنون }{[53222]} أي غير منقطع{[53223]} . وقال الزمخشري : وهو في الأصل : فعول من منه إذا قطعه لأن الموت قطوع ، ولذلك سميت شعوب{[53224]} . و«رَيْبَ » وريبة مفعول به أي ننتظر به حوادث الدهر أو المنية .
المعنى : بل يقولون يعني هؤلاء المقتسمين الخَرَّاصين شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ به رَيْبَ المنون حوادث الدهر وصروفه وذلك أن العرب كانت تحترز عن إيذاء الشعراء ، فإن الشعر كان عندهم يحفظ ويدون فقالوا : لا نعارضه في الحال مخافة أن يغلبنا بقوة شِعْره وإنما نصبر وَنَتَربَّصُ موتَهُ ويَهْلِك كما هلك من قبله من الشعراء ويتفرق أصحابه وإنّ أباه مات شاباً ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه . والمنون يكون بمعنى الدهر فيكون بمعنى الموت سُمِّيَا بذلك لأنَّهما يقطعان الأجل . أو يقال : إنه - عليه الصلاة والسلام - كان يقول : إن الحَقَّ دين الله ، وإنَّ الشرع الذي أتيت به يبقى أبد الدهر ، وكتابي يُمْلَى إلى قيام الساعة فقالوا : ليس كذلك إنما هو شاعر والذي يذكره شعر ولا ناصر له وسيصيبه من بعض آلهتنا الهَلاَك فنتربص به ذلك . وَرَيْبُ المَنُون : هو اسم للموت فَعُولٌ من المَنِّ ، وهو القطع .
ويحتمل وجهاً آخر وهو أن يكون المراد أنه إذا كان شاعراً فصروف الزمان ربما تضعف ذِهْنَهُ وتُورثُ وَهَنَهُ فيتبين لكل أحد فساد أمره وكساد شعره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.